[ ص: 48 ] الفاتحة أو فاتحة الكتاب  
قال جار الله  الزمخشري  في كتابه الكشاف : إنها مكية ; لأنها أنزلت بمكة  ، وذلك هو المشهور ، وقيل إنها أنزلت بمكة  مرة ، والمدينة  مرة أخرى عند تحويل القبلة إلى الكعبة  ، والظاهر أنها مكية ، نزلت عند فرض الصلاة بمكة  ، وكونها نزلت بعد ذلك بالمدينة  تكرار للنزول ، ولا نحسب ثمة حاجة للتكرار فإنها متى نزلت كانت واجبة التلاوة على أنها جزء من القرآن ولا حاجة إلى تكرار نزولها . 
وتسمى أم القرآن ، لاشتمالها على المعاني التي في القرآن من الثناء على الله تعالى ، بما هو أهله ، ومن التعبد بالأمر والنهي ، ومن الوعد والوعيد ، وتسمى أيضا سورة الكنز ، وسورة الوافية لذلك الشمول الإجمالي الذي اشتملت عليه فيما ذكرنا ، وتسمى المثاني لأنها تثنى في كل ركعة ولأنها السبع المثاني . وتسمى سورة الصلاة ، لأنها مأمور بقراءتها فيها ، وتسمى الشفاء والشافية وهي سبع آيات بالاتفاق . 
وكلها أسماء سميت بها لمعان فيها ، ولاحظها من جوانبها من سماها ، فكل اسم يمثل جانبا من جوانبها . 
ابتدئت الفاتحة كما ابتدئت كل سورة ما عدا براءة بـ " بسم الله الرحمن الرحيم " ، وعدها  الشافعي  وفقهاء مكة  جزءا من الفاتحة ، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - عد الفاتحة سبع آيات ، ولا تكون سبع آيات إلا إذا عدت بسم الله الرحمن الرحيم جزءا منها ، وعند أهل المدينة   ومالك  ليست جزءا من الفاتحة ، وقد علمت القول المختلف في ذلك ، وقد قررنا أنها جزء من القرآن وابتداء لكل سورة  ، وقال الإمام  محمد بن الحسن الشيباني  صاحب  أبي حنيفة   : " ما بين دفتي المصحف قرآن " ، وقد كانت  [ ص: 49 ] مكتوبة في مصحف  عثمان  رضي الله عنه والمصحفين من قبله ، وتواتر المصحف بتواتر القرآن ، والإجماع انعقد على ذلك ، ولم تنقل بخبر آحاد كما ادعى بعض المالكية . 
				
						
						
