ثم قال تعالى في يوم مجيئه فقال تعالى: يوم يأت لا تكلم نفس إلا بإذنه فمنهم شقي وسعيد
هنا قراءتان:
القراءة الأولى: أن الياء غير محذوفة وهو الأصل: يوم يأت لا تكلم نفس إلا بإذنه
والقراءة الثانية: حذف اجتزاء بدلالة الكسرة عليها، كأنها مقدرة في الكلام، تخفيفا وتيسيرا، والقراءتان مشهورتان، وإن حذف الياء موجود في لغة هذيل، وهي من أفصح العرب، فيقال لا أدر من غير عامل يجزم الفعل ويحذف الياء، ويقول إن هذه قراءة، والذي أراه اتباع المصحف وإجماع القراء لأن القراءة سنة متبعة. [ ص: 3753 ] الزجاج:
ولا يقال ما قاله الجهلاء إن القرآن خالف النحو، وذلك لأمرين:
الأمر الأول: أن الكسر إنباء عن وجود الباء وإن لم ينطق بها ليكون ذلك خفيفا على اللسان، ووافق لغة من لغات العرب الفصيحة.
الأمر الثاني: أن النحو تشتق قوته من القرآن، والقرآن فوقه.
وقوله تعالى: لا تكلم نفس إلا بإذنه (تكلم) فعل مضارع حذفت فيه التاء، وأصله لا تتكلم نفس إلا بإذنه. والضمير يعود على الله تعالى إلا بإذنه لأنه حاضر في العقول والنفوس والقلوب، ولقد قال تعالى في ذلك: هذا يوم لا ينطقون ولا يؤذن لهم فيعتذرون
وكونهم لا يتكلمون إلا بإذنه لكيلا يقولوا إلا صوابا كما قال تعالى:
لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا
ففي هذا اليوم يكون الإقرار بالذنوب من غير مماراة، بل يقرون بالحق; لأن هذا يوم الصدق، وإن الكلام في هذا اليوم بالإقرار الصادق، إما أن يكون فيه شقيا لما ارتكب وإما أن يكون سعيدا، ولذا قال تعالى: فمنهم شقي وسعيد فمن الجمع المجموع شقي بما ارتكب في النار، وإما سعيد لم يرتكب إثما، فيكون في الجنة، وقد فصل القول سبحانه: