واصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين
الأمر في هذه الآية وما قبلها للنبي - صلى الله عليه وسلم - ابتداء، ولمن يتبعه من المؤمنين انتهاء، وهنا ملاحظة بيانية، تليق بالقرآن الكريم المعجزة الكبرى في بيانه وكل شئونه. [ ص: 3769 ]
هذه الملاحظة هي أنه في المطالب الإيجابية يكون الخطاب في هذه الآيات للنبي - صلى الله عليه وسلم - ابتداء، ويكون لأمته بالتبع، ولكن في هذه الآيات نجد النهي متجها ابتداء إلى الجماعة الإسلامية، فقال تعالى: ولا تطغوا وقال تعالى: ولا تركنوا إلى الذين ظلموا لأنه لا نهي إلا حيث يتصور وقوع النهي عنه، ولا يمكن أن يتصور من النبي - صلى الله عليه وسلم - طغيان أو ركون إلى الظالمين.
ضبط النفس عند وقوع ما لا يرغب، أو ما يرغب، فالصبر على النعمة، لا يفرح بها فلا يبطرها بل يشكرها، والصبر على وقوع ما لا يرغب بأن تنزل به شديدة فإنه يكون بألا يفزع ولا يهلع، فيضطرب تفكيره، ويطيش ولا يتدبر الأمر في رفق، وثبات جأش، واطمئنان قلب. والصبر
وبين الله تعالى أن الصبر من إحسان المحسنين فقال تعالت كلماته: واصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين أي: الذين يعملون العمل الصالح، ويحسنونه، ويداومون عليه بالصبر، ولا يجزعون لحرمان أو شدة، ولا يأشرون ويبطرون إن اختبرهم الله تعالى.
* * *