وقد ذكر سبحانه الطب لهذا القلق النفسي كما أشار إلى جزاء ما يقولون وما يفعلون، والطب الذي ذكره الله تعالى هو ولذا قال: طب النفوس القلقة وهذا الطب هو الاتجاه إلى الله تعالى وتقديسه والركون إليه، والخضوع له؛ فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين واعبد ربك حتى يأتيك اليقين
(الفاء) هنا تفصح عن شرط مقدر، أي إذا كان قد أصابك قلق النفس فعالجه: فسبح بحمد ربك أي فانزع إلى الله، واركن إليه بالتسبيح والحمد، فإن ذلك في ذاته كشف للكرب وبه زوال الهم، إذ فيه الركون إلى جانب القوي الذي لا يناهده جانب لأي جانب من جوانب الدنيا، وهو في الوقت ذاته شعور بأن ما ينال صاحب الرسالة من أذى إنما هو لله وللقيام بحقه، وذلك ذاته تسبيح أي تسبيح وحمد لله أي حمد.
وعبر سبحانه بقوله: بحمد ربك للإشارة إلى أن ربك الذي حماك ويكلؤك، فإن كان منك قلق، فلن يكون منهم أذى لك في قابل أمرك، إنما هو أخذ بالغلب أو أخذهم أخذ عزيز مقتدر.
وكن من الساجدين أي استمر في خضوعك لرب العالمين، والسجود هنا إما أن نقول: إن معناه الخضوع المطلق لله تعالى، فالخضوع له وذكره هو اطمئنان القلوب، وقد قال تعالى: ألا بذكر الله تطمئن القلوب أو نقول: إنه سجود الصلاة، ويكون المعنى كن مستمرا في صلاتك، ففي الصلاة تفريج الكروب، وذهاب الأحزان، والانصراف عن الهموم، وفي الأثر: ولقد روي أيضا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة، «أقرب ما يكون العبد إلى ربه وهو ساجد فأخلصوا الدعاء».