هذا هو الخلق العام، والإنسان نفسه فيه إثبات قدرة الله بديع السماوات والأرض ومبدع الإنسان؛ ولذا قال تعالى:
خلق الإنسان من نطفة فإذا هو خصيم مبين .
وهو الماء الذي يخرج من بين الصلب الذي قالت آية أخرى: من ماء مهين وقوله تعالى: فإذا هو خصيم مبين يشير إلى الأدوار التي مر بها من طين فنطفة، فعلقة، فمضغة، كما قال تعالى: ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين هذه وهو جنين لم يخرج إلى ظاهر الوجود، وإذا خرج إلى ظاهر الوجود كان معه السمع والأبصار والأفئدة، حتى تكون فيه كل قوى الإنسان من لسان وعينين وأذنين. أدوار الإنسان،
هذه الأدوار كلها يشير إليها قوله تعالى: فإذا هو خصيم مبين الخصيم الناطق المجادل الذي يحسن إدارة القول وتحويره وتحويله الذي [ ص: 4132 ] كان معروفا بالحيلة في القول، حتى إن كعمرو بن العاص رأى رجلا لا يكاد يبين، فقال سبحان الله خالق لسان هذا هو خالق لسان عمر الفاروق عمرو بن العاص.
و (الفاء) و (إذا) يدلان على المفاجأة، والمفاجأة مع هذه الأدوار المتدرجة بأمر الله وتقديره للدلالة على التفاوت البين بين ماء مهين، وخصيم مبين، سبحان من كون وأنشأ، وهدى وعلم.