وإن الله تعالى يحاسب القلوب في خيرها لحبه المغفرة ولإرادته الرحمة ولعدله، ولكيلا يتساوى المحسن والمسيء؛ ولذا قال عز من قائل:
والله يعلم ما تسرون وما تعلنون .
هذه العبارة فيها تهديد لأهل الشرك، وتقريب لأهل الإيمان، فهو يحاسبكم سبحانه على ما تعلنون من أعمال، وما تسرون من عقائد ونيات يصحبها عمل، فإن اتجهتم إلى شكر الخالق بعدم الإشراك به والإحساس بنعمه فإنه غافر لكم ما ترتكبون وتتوبون عنه إذا تبتم عن قريب، وإن أسررتم الخير ونويتموه وهممتم أن تفعلوه فإنه غافر لكم، لأن الحسنات يذهبن السيئات، وبالنسبة للشر لا تحاسبون إلا بما تفعلون، وما تعتقدونه من شرك وعبادة غيره، كما قال تعالى: إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ؛ لأن الغفران لا [ ص: 4152 ] يكون إلا في دائرة الإيمان بألوهية الله تعالى وحده، فمن آمن بالله وحده، كان جديرا بنعمة الغفران، ومن أشرك بالله غيره، فإنه ليس بجدير، والله بكل شيء محيط.