nindex.php?page=treesubj&link=19658_28723_29687_29694_30497_30525_30526_33679_34091_34092_34233_28973nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=284لله ما في السماوات وما في الأرض في هذه الجملة السامية بيان لشمول ملك الله سبحانه وتعالى ، وفي ذكر هذا الشمول بعد الآيات التي بينت أحكام الأموال ببيان مصارف البر ، ومواضع التحريم ، وطرق التعامل ، وما يوجد الثقة - إشارة إلى معان عامة وخاصة : أما العامة فهي بيان أن ما في يد الإنسان عارية مستردة ، وأن المالك في الحقيقة هو الله سبحانه وتعالى ، فلا يغتر ذو مال بماله ، ولا تذهب به النهمة إلى طلبه من غير حلال ، فإن يده زائلة عنه لا محالة ، وعليه أن يجمل في الطلب ، وأن ينتهز
[ ص: 1083 ] فرصة وجود المال بين يديه ليكثر من البر وفعل الخير ، فهو الباقي والدائم ، وأنه سبحانه وتعالى المسيطر على كل شيء المعطي الوهاب ، فهو الذي أعطى ذا المال وبسط له الرزق ، وهو الذي قدر رزق الفقير ، فليس لغني أن يعتز بغناه ، ولا ذي فقر أن يذل لفقره ، فالعزة لله وحده ، والخضوع له وحده ; وإنه سبحانه إذا كان المالك لكل ما في السماوات والأرض ، فله وحده العقاب والثواب ، وليس لأحد من عباده إلا ما ينعم به عليه من نعم .
وأما الإشارة إلى المعنى الخاص ، فهو أنه سبحانه وتعالى ذكر في الآية السابقة أنه عليم بكل ما يعملون ; وإن من أسباب هذا العلم الدقيق أنه مالك لكل ما في السماوات والأرض ، لأنه خالق ما في السماوات والأرض
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=14ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير وإذا كان الله سبحانه وتعالى عليما بكل ما يعمله الناس ، ومالكا لكل ما في السماوات وما في الأرض فإنه سبحانه وتعالى يحاسب على كل ما يفعله الإنسان سواء أكان من حركات النفس أم كان من حركات الجوارح ، ولذا قال سبحانه :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=284وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله في هذا النص الكريم يبين سبحانه
nindex.php?page=treesubj&link=28781أنه يعلم السر والعلن ، ما ظهر وما بطن ، وأنه يعلم حركات النفس وما تصر عليه وما تعزمه من فعل ، سواء أعلنته أم لم تعلنه ، وإن هذا النص كما يفيد علم الله بما ظهر وما بطن من أعمال النفوس ، يفيد بصريحه
nindex.php?page=treesubj&link=28324أنه يحاسب الإنسان على النيات وما تكسبه القلوب ، سواء أأخفاه الشخص أم أظهره ، فما تكسبه القلوب موضع مؤاخذة بهذا النص ; وقد قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=225لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم ولكن قد اعترض على ذلك بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=657189إن الله تجاوز لأمتي ما حدثت به أنفسها ، ما لم يتكلموا أو يعملوا [ ص: 1084 ] ولقد ادعى بعضهم لهذا الحديث أن الآية منسوخة ; لأن حديث النفس لا يمكن التخلص منه ; وأنها نسخت بقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=286لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ولكن ذلك القول غير مقبول ; لأنه لا تعارض بين الآيتين ، حتى تنسخ إحداهما الأخرى ، كما أنه لا تعارض بين الآية والحديث الشريف ; لأن حديث النفس ليس هو ما تكسبه النفس ، ويعزمه القلب ، وينويه الشخص ويصر عليه ; وإنما هو تلك الخواطر النفسية التي تعرض للإنسان فتوجهه نحو الهوى والشهوة ; فإن سار وراءها حتى اعتزمها وأرادها وأصر عليها ، ولكن عاقه عائق عن تنفيذها ، لا يكون حديث النفس ، بل يكون كسب النفس ، ولكل نفس ما كسبت ، وعليها ما اكتسبت ; فالمرتبة الأولى وهي تلك الخواطر ليست موضع مؤاخذة ، بل إن التغلب عليها ، وكفها بعد مكافحتها موضع ثواب ; لأنه جهاد النفس ، وجهاد النفس هو الجهاد الأكبر ، كما ورد في الأثر "
رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر " ويقصد به جهاد النفس ; إنما موضع المؤاخذة الإصرار بعد الخواطر .
وعلى ذلك : نقول إن موضع التجاوز هو حديث النفس ، وموضع الحساب هو الإصرار والنيات ، والاتجاه القلبي إلى الأذى والانتقام وقد بينا ذلك من قبل .
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=284فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء وإن هذه نتيجة الحساب ، فيستر الله سبحانه وتعالى ذنوب من يشاء ويعفو عنه ، وإنه ليعفو عن كثير كما ذكر سبحانه ، ويعذب من يشاء جزاء ما اقترف من آثام ; وإن مشيئة الله سبحانه وتعالى لا قيد يقيدها ، ولا شيء يحدها ، ولكنه سبحانه يغفر لمن سار في طريق الهداية ، ولم تركس نفسه في المعاصي ، ولم تحط به خطاياه حتى تستغرق نفسه ، وتستولي على حسه ، ويغلب عليه حب الخير ; وهذا معنى قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=114إن الحسنات يذهبن السيئات أما من استولت عليه الشهوات ، وأحاطت به
[ ص: 1085 ] الخطايا ، وغلب عليه الشر والأذى ، ولم يكن منه الخير إلا لماما ، فإن الله محاسبه بما كان ; لأنه لا حسنات تذهب بالسيئات ; والله سبحانه وتعالى هو المالك للإنسان وما يصنع الإنسان ، فلا قيد يقيد إرادته تبارك وتعالى .
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=284والله على كل شيء قدير هذا ختام الآية الكريمة ، وهو في بيان شمول قدرة الله تعالى وعموم إرادته سبحانه ، فهو القادر على الثواب والعقاب ، وهو القاهر فوق عباده ، ولا سلطان فوق سلطانه ، وهو الذي يلهم التوفيق لمن كتب له التوفيق ، وهو الذي يترك من يقع في غواية الشيطان ، وهو الذي يسهل التوبة لمن يتوب ، غافر الذنب ، قابل التوب ، شديد العقاب ; فالإنسان وما يملك ، وخواطره وهواجسه ، وأحاسيسه ، ونياته واعتزاماته ; كل ذلك تحت سلطان القادر ، وقوة القاهر .
اللهم اجعلنا من عبادك الطائعين الخاضعين ، الراضين بقضائك وقدرك ، إنك أنت العزيز الحكيم .
* * *
nindex.php?page=treesubj&link=19658_28723_29687_29694_30497_30525_30526_33679_34091_34092_34233_28973nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=284لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ فِي هَذِهِ الْجُمْلَةِ السَّامِيَةِ بَيَانٌ لِشُمُولِ مُلْكِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ، وَفِي ذِكْرِ هَذَا الشُّمُولِ بَعْدَ الْآيَاتِ الَّتِي بَيَّنَتْ أَحْكَامَ الْأَمْوَالِ بِبَيَانِ مَصَارِفِ الْبِرِّ ، وَمَوَاضِعِ التَّحْرِيمِ ، وَطُرُقِ التَّعَامُلِ ، وَمَا يُوجِدُ الثِّقَةَ - إِشَارَةٌ إِلَى مَعَانٍ عَامَّةٍ وَخَاصَّةٍ : أَمَّا الْعَامَّةُ فَهِيَ بَيَانُ أَنَّ مَا فِي يَدِ الْإِنْسَانِ عَارِيَةٌ مُسْتَرَدَّةٌ ، وَأَنَّ الْمَالِكَ فِي الْحَقِيقَةِ هُوَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ، فَلَا يَغْتَرُّ ذُو مَالٍ بِمَالِهِ ، وَلَا تَذْهَبُ بِهِ النَّهِمَةُ إِلَى طَلَبِهِ مِنْ غَيْرِ حَلَالٍ ، فَإِنَّ يَدَهُ زَائِلَةٌ عَنْهُ لَا مَحَالَةَ ، وَعَلَيْهِ أَنْ يُجْمِلَ فِي الطَّلَبِ ، وَأَنْ يَنْتَهِزَ
[ ص: 1083 ] فُرْصَةَ وُجُودِ الْمَالِ بَيْنَ يَدَيْهِ لِيُكْثِرَ مِنَ الْبِرِّ وَفِعْلِ الْخَيْرِ ، فَهُوَ الْبَاقِي وَالدَّائِمُ ، وَأَنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الْمُسَيْطِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ الْمُعْطِي الْوَهَّابُ ، فَهُوَ الَّذِي أَعْطَى ذَا الْمَالِ وَبَسَطَ لَهُ الرِّزْقَ ، وَهُوَ الَّذِي قَدَرَ رِزْقَ الْفَقِيرِ ، فَلَيْسَ لِغَنِيٍّ أَنْ يَعْتَزَّ بِغِنَاهُ ، وَلَا ذِي فَقْرٍ أَنْ يَذِلَّ لِفَقْرِهِ ، فَالْعِزَّةُ لِلَّهِ وَحْدَهُ ، وَالْخُضُوعُ لَهُ وَحْدَهُ ; وَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ إِذَا كَانَ الْمَالِكُ لِكُلِّ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ، فَلَهُ وَحْدَهُ الْعِقَابُ وَالثَّوَابُ ، وَلَيْسَ لِأَحَدٍ مِنْ عِبَادِهِ إِلَّا مَا يُنْعِمُ بِهِ عَلَيْهِ مِنْ نِعَمٍ .
وَأَمَّا الْإِشَارَةُ إِلَى الْمَعْنَى الْخَاصِّ ، فَهُوَ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ذَكَرَ فِي الْآيَةِ السَّابِقَةِ أَنَّهُ عَلِيمٌ بِكُلِّ مَا يَعْمَلُونَ ; وَإِنَّ مِنْ أَسْبَابِ هَذَا الْعِلْمِ الدَّقِيقِ أَنَّهُ مَالِكٌ لِكُلِّ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ، لِأَنَّهُ خَالِقُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=14أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ وَإِذَا كَانَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَلِيمًا بِكُلِّ مَا يَعْمَلُهُ النَّاسُ ، وَمَالِكًا لِكُلِّ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يُحَاسِبُ عَلَى كُلِّ مَا يَفْعَلُهُ الْإِنْسَانُ سَوَاءٌ أَكَانَ مِنْ حَرَكَاتِ النَّفْسِ أَمْ كَانَ مِنْ حَرَكَاتِ الْجَوَارِحِ ، وَلِذَا قَالَ سُبْحَانَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=284وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فِي هَذَا النَّصِّ الْكَرِيمِ يُبَيِّنُ سُبْحَانَهُ
nindex.php?page=treesubj&link=28781أَنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَالْعَلَنَ ، مَا ظَهَرَ وَمَا بَطَنَ ، وَأَنَّهُ يَعْلَمُ حَرَكَاتِ النَّفْسِ وَمَا تُصِرُّ عَلَيْهِ وَمَا تَعْزِمُهُ مِنْ فِعْلٍ ، سَوَاءٌ أَعْلَنَتْهُ أَمْ لَمْ تُعْلِنْهُ ، وَإِنَّ هَذَا النَّصَّ كَمَا يُفِيدُ عِلْمَ اللَّهِ بِمَا ظَهَرَ وَمَا بَطَنَ مِنْ أَعْمَالِ النُّفُوسِ ، يُفِيدُ بِصَرِيحِهِ
nindex.php?page=treesubj&link=28324أَنَّهُ يُحَاسِبُ الْإِنْسَانَ عَلَى النِّيَّاتِ وَمَا تَكْسِبُهُ الْقُلُوبُ ، سَوَاءٌ أَأَخْفَاهُ الشَّخْصُ أَمْ أَظْهَرَهُ ، فَمَا تَكْسِبُهُ الْقُلُوبُ مَوْضِعُ مُؤَاخَذَةٍ بِهَذَا النَّصِّ ; وَقَدْ قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=225لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَلَكِنْ قَدِ اعْتُرِضَ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=657189إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لِأُمَّتِي مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا ، مَا لَمْ يَتَكَلَّمُوا أَوْ يَعْمَلُوا [ ص: 1084 ] وَلَقَدِ ادَّعَى بَعْضُهُمْ لِهَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الْآيَةَ مَنْسُوخَةٌ ; لِأَنَّ حَدِيثَ النَّفْسِ لَا يُمْكِنُ التَّخَلُّصُ مِنْهُ ; وَأَنَّهَا نُسِخَتْ بِقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=286لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا وَلَكِنَّ ذَلِكَ الْقَوْلَ غَيْرُ مَقْبُولٍ ; لِأَنَّهُ لَا تَعَارُضَ بَيْنَ الْآيَتَيْنِ ، حَتَّى تَنْسَخَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى ، كَمَا أَنَّهُ لَا تَعَارُضَ بَيْنَ الْآيَةِ وَالْحَدِيثِ الشَّرِيفِ ; لِأَنَّ حَدِيثَ النَّفْسِ لَيْسَ هُوَ مَا تَكْسِبُهُ النَّفْسُ ، وَيَعْزِمُهُ الْقَلْبُ ، وَيَنْوِيهِ الشَّخْصُ وَيُصِرُّ عَلَيْهِ ; وَإِنَّمَا هُوَ تِلْكَ الْخَوَاطِرُ النَّفْسِيَّةُ الَّتِي تَعْرِضُ لِلْإِنْسَانِ فَتُوَجِّهُهُ نَحْوَ الْهَوَى وَالشَّهْوَةِ ; فَإِنَّ سَارَ وَرَاءَهَا حَتَّى اعْتَزَمَهَا وَأَرَادَهَا وَأَصَرَّ عَلَيْهَا ، وَلَكِنْ عَاقَهُ عَائِقٌ عَنْ تَنْفِيذِهَا ، لَا يَكُونُ حَدِيثَ النَّفْسِ ، بَلْ يَكُونُ كَسْبَ النَّفْسِ ، وَلِكُلِّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ ، وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ ; فَالْمَرْتَبَةُ الْأُولَى وَهِيَ تِلْكَ الْخَوَاطِرُ لَيْسَتْ مَوْضِعَ مُؤَاخَذَةٍ ، بَلْ إِنَّ التَّغَلُّبَ عَلَيْهَا ، وَكَفَّهَا بَعْدَ مُكَافَحَتِهَا مَوْضِعُ ثَوَابٍ ; لِأَنَّهُ جِهَادُ النَّفْسِ ، وَجِهَادُ النَّفْسِ هُوَ الْجِهَادُ الْأَكْبَرُ ، كَمَا وَرَدَ فِي الْأَثَرِ "
رَجَعْنَا مِنَ الْجِهَادِ الْأَصْغَرِ إِلَى الْجِهَادِ الْأَكْبَرِ " وَيُقْصَدُ بِهِ جِهَادُ النَّفْسِ ; إِنَّمَا مَوْضِعُ الْمُؤَاخَذَةِ الْإِصْرَارُ بَعْدَ الْخَوَاطِرِ .
وَعَلَى ذَلِكَ : نَقُولُ إِنَّ مَوْضِعَ التَّجَاوُزِ هُوَ حَدِيثُ النَّفْسِ ، وَمَوْضِعُ الْحِسَابِ هُوَ الْإِصْرَارُ وَالنِّيَّاتُ ، وَالِاتِّجَاهُ الْقَلْبِيُّ إِلَى الْأَذَى وَالِانْتِقَامِ وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ مِنْ قَبْلُ .
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=284فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَإِنَّ هَذِهِ نَتِيجَةُ الْحِسَابِ ، فَيَسْتُرُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ذُنُوبَ مَنْ يَشَاءُ وَيَعْفُو عَنْهُ ، وَإِنَّهُ لَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ كَمَا ذَكَرَ سُبْحَانَهُ ، وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ جَزَاءَ مَا اقْتَرَفَ مِنْ آثَامٍ ; وَإِنَّ مَشِيئَةَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَا قَيْدَ يُقَيِّدُهَا ، وَلَا شَيْءَ يَحُدُّهَا ، وَلَكِنَّهُ سُبْحَانَهُ يَغْفِرُ لِمَنْ سَارَ فِي طَرِيقِ الْهِدَايَةِ ، وَلَمْ تَرْكُسْ نَفْسُهُ فِي الْمَعَاصِي ، وَلَمْ تُحِطْ بِهِ خَطَايَاهُ حَتَّى تَسْتَغْرِقَ نَفْسَهُ ، وَتَسْتَوْلِيَ عَلَى حِسِّهِ ، وَيَغْلِبُ عَلَيْهِ حُبُّ الْخَيْرِ ; وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=114إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ أَمَّا مَنِ اسْتَوْلَتْ عَلَيْهِ الشَّهَوَاتُ ، وَأَحَاطَتْ بِهِ
[ ص: 1085 ] الْخَطَايَا ، وَغَلَبَ عَلَيْهِ الشَّرُّ وَالْأَذَى ، وَلَمْ يَكُنْ مِنْهُ الْخَيْرُ إِلَّا لِمَامًا ، فَإِنَّ اللَّهَ مُحَاسِبُهُ بِمَا كَانَ ; لِأَنَّهُ لَا حَسَنَاتَ تَذْهَبُ بِالسَّيِّئَاتِ ; وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى هُوَ الْمَالِكُ لِلْإِنْسَانِ وَمَا يَصْنَعُ الْإِنْسَانُ ، فَلَا قَيْدَ يُقَيِّدُ إِرَادَتَهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى .
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=284وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ هَذَا خِتَامُ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ ، وَهُوَ فِي بَيَانِ شُمُولِ قُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَعُمُومِ إِرَادَتِهِ سُبْحَانَهُ ، فَهُوَ الْقَادِرُ عَلَى الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ ، وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ ، وَلَا سُلْطَانَ فَوْقَ سُلْطَانِهِ ، وَهُوَ الَّذِي يُلْهِمُ التَّوْفِيقَ لِمَنْ كُتِبَ لَهُ التَّوْفِيقُ ، وَهُوَ الَّذِي يَتْرُكُ مَنْ يَقَعُ فِي غَوَايَةِ الشَّيْطَانِ ، وَهُوَ الَّذِي يُسَهِّلُ التَّوْبَةَ لِمَنْ يَتُوبُ ، غَافِرُ الذَّنْبِ ، قَابِلُ التَّوْبِ ، شَدِيدُ الْعِقَابِ ; فَالْإِنْسَانُ وَمَا يَمْلِكُ ، وَخَوَاطِرُهُ وَهَوَاجِسُهُ ، وَأَحَاسِيسُهُ ، وَنِيَّاتُهُ وَاعْتِزَامَاتُهُ ; كُلُّ ذَلِكَ تَحْتَ سُلْطَانِ الْقَادِرِ ، وَقُوَّةِ الْقَاهِرِ .
اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِنْ عِبَادِكَ الطَّائِعِينَ الْخَاضِعِينَ ، الرَّاضِينَ بِقَضَائِكَ وَقَدَرِكَ ، إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ .
* * *