ثم هجمت على قلوبهم من بعد ذلك الآيات البينة المحكمة ، تعالت كلماته سبحانه :
الله لا إله إلا هو الحي القيوم : هذه الجملة السامية تبين أصل التوحيد ، وتقرر معناه ، فابتدئت بلفظ الجلالة الذي يدل على كمال الألوهية ، وانفراده - سبحانه - بحق العبودية ، إذ إنه الإله وحده الذي أنشأ الخلق ورباه ونماه ، ولا مالك لهذا الوجود ومن فيه وما فيه سواه . ولفظ " الله " علم على الذات العلية المتصفة بكل كمال والمنزهة عن كل نقص ، والتي لا تشابه الحوادث ، ولا يشبهها شيء من الحوادث : ليس كمثله شيء وهو السميع البصير
ثم صرح سبحانه وتعالى بما تضمنه لفظ الجلالة وهو الانفراد بالألوهية وحق العبودية فقال سبحانه : لا إله إلا هو أي لا معبود بحق إلا هو ، أو لا إله في الحقيقة والواقع إلا هو ، وكل ما يدعى له الألوهية من شخص أو وثن فهو ليس إلا أسماء سماهم بها المشركون الضالون ، وليس من حقيقة الألوهية في شيء إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنـزل الله بها من سلطان ثم بين سبحانه ، فقال سبحانه : الأوصاف التي تبين استحقاقه وحده لحق العبودية الحي القيوم أي الدائم الحياة الذي لا يفنى ، ويفنى ما سواه ، ولا يستمد حي حياته إلا بإرادته سبحانه ، وهو القائم بنفسه ، والقائم على كل شيء ، والمدبر لكل شيء . فهذا معنى القيوم .