قال أما من ظلم فسوف نعذبه ثم يرد إلى ربه فيعذبه عذابا نكرا وأما من آمن وعمل صالحا فله جزاء الحسنى وسنقول له من أمرنا يسرا
هذا وهو أن يجازى المسيء على إساءته؛ والمحسن بإحسانه؛ هذا ما استقر عليه أمره؛ واعتزمه; ولذا قال - معتزما تنفيذه -: قانون العدل؛ أما من ظلم فسوف نعذبه ثم يرد إلى ربه فيعذبه عذابا نكرا أي: عذابا شديدا؛ بالغا أقصى أحوال الشدة؛ حتى ينزل بهم - ولم يتوقعوه -؛ وينكروه لغرابته عليهم؛ فـ "النكر "؛ هو الأمر المستنكر مما وقع عليه؛ وقد أكد في القول وقوعه في المستقبل بـ "سوف "؛ الدالة على توكيد وقوع الفعل في المستقبل.
والظلم يقع على كل المنكرات; لأن الظلم يكون بنقص الحقوق؛ والتفريط فيها؛ ويكون بمجاوزة حد المعقول؛ فيقع على الشرك؛ وإن الشرك لظلم عظيم؛ ويقع على كل المنهيات من المعاصي؛ كالقتل؛ وشرب الخمر؛ والزنا؛ ورمي المحصنات؛ و "العذاب النكر "؛ يكون بالجزاء الذي يملكه ملك عادل؛ جزاء دنيوي.
هذا هو جزاء المسيء في قانون العدل؛ الذي سنه ذو القرنين لنفسه؛ لا يفلت المسيء؛ وكذلك لا ينقص المحسن من جزاء حسن; ولذا قال: