الصابرين والصادقين والقانتين والمنفقين والمستغفرين بالأسحار
هذه خمسة أوصاف للمؤمنين الصادقي الإيمان، والمذعنين حق الإذعان:
أولها: أنهم صابرون، وقد حث عليه القرآن في أكثر من سبعين موضعا، والصبر له شعب كثيرة، منها وهي أدناها الصبر عند الشديدة، وتحملها من غير أنين ولا شكوى، وهذا هو الصبر الجميل، فإن ضج الصابر وشكا فصبره غير جميل، ومنها الصبر بضبط النفس عن الشهوات وقدعها عن الأهواء المردية، وجعل العقل متحكما دائما، وهذه مرتبة عالية في الصبر. ومنها الصبر على تحمل النعم؛ فإن النعم تحتاج إلى صبر لكيلا يطغى الإنسان بسبب النعمة فتؤدي إلى الكفر بدل الشكر. ولقد قال تعالى: والصبر صفة الإيمان حقا وصدقا، ولئن أذقنا الإنسان منا رحمة ثم نـزعناها منه إنه ليئوس كفور ولئن أذقناه نعماء بعد ضراء مسته ليقولن ذهب السيئات عني إنه لفرح فخور إلا الذين صبروا وعملوا الصالحات أولئك لهم مغفرة وأجر كبير
والوصف الثاني: أنهم صادقون، وهو شعب أيضا فمنها الإخبار بالحق، ومنها أن يصدق نفسه، فلا يخدعها ويزين لها سوء الأعمال، ويغالط قلبه وحسه؛ ومنها أن يتعرف عيوب نفسه بالحق ويتكشفها ويتعرفها ولا يسترها عن نفسه، لتكون بين يديه ماثلة دائما فيستيقظ ضميره، وهذا هو طريق التهذيب الروحي الحق. [ ص: 1143 ] والوصف الثالث: والصدق من أكمل الصفات الإنسانية، والقانت هو الطائع المديم للطاعة غير متململ منها، ولا متبرم بها، ولا خارج على حدودها، فالقنوت يصور الإذعان المطلق. أنهم قانتون،
والوصف الرابع: أي أنهم ينفقون المال في مصارفه سواء أكانت عامة أم كانت خاصة، وقد بينا مناهج الإنفاق الديني فيما أسلفنا. أنهم المنفقون،
والوصف الخامس: والأسحار جمع سحر، وهو آخر الليل، وهذا الوقت وقت التهجد، وتذكر ما كان من عمل، واستقبال ما يكون من أعمال، فالاستغفار فيه باستشعار الضراعة وتذكر الله، والشعور بمراقبته، يجعل المؤمن يستقبل أعمال الحياة بقلب سليم نقي كما هو، فلا يكون فيه إلا خير، أنهم مستغفرون بالأسحار، وليس كذلك أكثر المستغفرين؛ ولذا قالت وليس الاستغفار هو ترداد كلمة " أستغفر " ، إنما هو الشعور بالخضوع، ومراقبة الله والضراعة إليه سبحانه، رابعة العدوية: " استغفارنا يحتاج إلى استغفار كثير " . ولقد روى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " البخاري " . سيد الاستغفار أن تقول: اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك علي، وأبوء بذنبي فاغفر لي، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت. ومن قالها بالنهار موقنا فمات من يومه قبل أن يمسي فهو من أهل الجنة، ومن قالها من الليل وهو موقن بها فمات من ليله قبل أن يصبح فهو من أهل الجنة