لا يسمعون فيها لغوا إلا سلاما ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا "اللغو "؛ هو الكلام الذي لا يكون له فائدة مذكورة عند العقلاء؛ وهو الذي يؤدي إلى المشاحنة والمنازعة؛ ومبادلة القول والجدال؛ وكل ذلك بعيد عن ولذا قال (تعالى) في آية أخرى: الحياة الفاضلة؛ التي تكون في الجنة; لا لغو فيها ولا تأثيم ؛ وإن وسماعه ليس [ ص: 4668 ] من شأن العقلاء؛ وقال في أوصاف الأبرار: اللغو في الدنيا ليس من دأب الفضلاء؛ وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين
وقوله (تعالى): إلا سلاما الاستثناء فيها منقطع؛ بمعنى "لكن يسمعون سلاما "؛ أي: أمنا؛ واطمئنانا؛ وبعدا عن المشاحة والمنازعة والمخاصمة.
هذه هي الحياة المعنوية الطيبة الهادئة؛ التي لا لغو فيها ولا تأثيم؛ وقد ذكر - سبحانه وتعالى - أن الجسم فيها ينال حظه في مواقيته؛ فقال (تعالى): ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا أي أن طعامهم يأتيهم في أوقات منتظمة مستمرة؛ وهي تجيء في البكور؛ وفي العشية.
أي: على عادة المتناولين لهذه الحياة؛ من غير زهادة؛ ولا إفراط في الأخذ منها؛ ليترفوا فيها؛ وفي ذلك الاعتدال تكون استقامة الحياة من غير مرض ولا عناء.
وإن تلك ولذا قال (تعالى):
الجنة الطيبة التي تحيا فيها الروح؛ ويحيا فيها الجسم من غير إسراف؛ ولا تفريط؛ تكون للمتقين;