لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم كذلك سخرها لكم لتكبروا الله على ما هداكم وبشر المحسنين نفى الله (تعالى) نفيا مؤكدا؛ أن يصل إلى الله (تعالى) منها شيء; لأنه واجد الوجود؛ غير محتاج حتى يحتاج إلى لحم البدن ودمائها؛ فإنما يحتاج إلى ذلك من يكون فقيرا إليها؛ ولا أن تكون مرضاته في لحومها؛ ولا في دمائها؛ فإذا كان قد أوجب عليكم نحرها؛ والتقرب بذبحها؛ فليس ذلك لأجل رضائه باللحم والدماء؛ ولكن يناله التقوى منكم أي: يبلغ مبلغ رضاه وقبوله التقوى منكم؛ فالله - سبحانه - لا يرضى بلحم يؤكل؛ ولا تكون مرضاته في دم يهراق؛ وإن كان ذلك؛ وإنما يبلغ مرضاته وقبوله التقوى؛ وهذه إشارة إلى أمرين؛ الأمر الأول أن الدم المهراق مطلوب في الحج تذكيرا بفداء إسماعيل. [ ص: 4989 ] والأمر الثاني أن الله (تعالى) ما طلب شعيرة البدن إلا لأجل التقوى؛ ولتكون مظهر هذه التقوى القلبية؛ وشعار مناسك الحج.
كذلك سخرها لكم أي: كهذا التسخير؛ من ذبح؛ وأكل؛ وتصدق؛ سخرها لكم لتكبروا الله على ما هداكم واللام للعاقبة؛ أي: سخرها لتكون العاقبة أن تكبروا الله في الحج على هدايتكم إليه - سبحانه وتعالى -؛ ولتقيموا شعائره؛ ولتحسنوا أداء التكليفات التي كلفتموها؛ وبشر المحسنين أي أن المحسنين ينالون الخير العميم؛ والفضل العظيم؛ والهداية؛ فبشرهم بالبشرى الطيبة؛ والجزاء الحسن؛ وأن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا.