الملك يومئذ الحق للرحمن وكان يوما على الكافرين عسيرا ؛ " الملك يومئذ " ؛ أي: السلطان الكامل؛ ودل على الكمال بـ " ال " ؛ الدال على كمال الاستغراق؛ كأنه لا ملك غيره؛ ولا يسمى " ملكا " ؛ سواه؛ ووصفه - سبحانه وتعالى - بأنه الحق؛ أي: الثابت الذي لا يتخلف حكمه؛ ولا يكون لغيره أبدا.
وهذا الملك الثابت الكامل " للرحمن " - جلت رحمته -؛ ووصف الله (تعالى) هنا بصفة " الرحمن " ؛ مع أن ذلك اليوم شديد؛ عسير على الكافرين؛ كما سيذكر [ ص: 5270 ] - سبحانه - وكان يوما على الكافرين عسيرا ؛ لأن حكم الله سيكون شديد الحمل؛ عسيرا عليهم؛ وصف الله (تعالى) بالرحمة; للإشارة إلى أنه سيكون رحيما بالمؤمنين; عسيرا على الكافرين؛ فرحمته في ظاهر العبارة خاصة بالمؤمنين؛ وأما الكافرون فسيكون عسيرا عليهم؛ ولعل الأصوب أن نقول: إنه في بشراه بالجنة للمؤمنين؛ والعذاب العسير للكافرين؛ وهو الرحيم; لأن ولا الأعمى مع البصير؛ وألا يستوي الذين لا يعلمون والذين يعلمون. الرحمة الحقيقية تقتضي تعذيب الكافرين؛ وإثابة المتقين; لأن موجب الرحمة ألا يتساوى المسيء مع المحسن؛