بعد ذلك ذكر نعمه عليهم؛ ولهم فيها عمل بتهيئة الأسباب؛ فقال تعالي: وتنحتون من الجبال بيوتا فارهين ؛ في فارهين ؛ هذه القراءة؛ وفيها قراءة أخرى: " فرهين " ؛ وكلتاهما بمعنى واحد؛ ولا اختلاف في المعنى بين القراءتين؛ أي: يبنون في الجبال بيوتا؛ لا بلبنات ينقلونها؛ بل بنحت فيه تسوية وبرد؛ وإذهاب أجزاء وإبقاء أجزاء؛ فارهين ؛ حال؛ ومعناها: حاذقين متحصنين بها؛ معجبين؛ متجبرين.
وهذا الكلام من الله - سبحانه وتعالى - يفيد أنهم في نعم بما في الأرض من جنات وعيون؛ وزروع ونخل طيب وبيوت تنحتونها؛ وتسوونها من الجبال؛ ويحسبون أنهم متروكون ويأكلون ويشربون؛ ويتلهون متجبرين عابثين؛