بين الله (تعالى) أنه غافرها؛ ما دام قد عمل حسنا بعدها؛ فقال: إلا من ظلم ثم بدل حسنا بعد سوء فإني غفور رحيم ؛ الاستثناء هنا استثناء منقطع؛ فما كان ثمة في الآية السابقة رمي بسوء؛ حتى يكون الاستثناء؛ فيتعين أن يكون منقطعا بمعنى " لكن من ظلم؛ بقتله نفسا بغير حق " ؛ ولكن كانت ظالمة عاتية؛ ثم تاب عما ارتكب؛ ولم يكتف بالتوبة المجردة؛ بل اتجه إلى الخير مستقيما مدركا؛ وبدل حسنا بعد سوء؛ أي: وضع في تصرفاته مكان السوء حسنا؛ فإن الله يغفر له؛ لأنه غفور من شأنه المغفرة الدائمة لمن تاب؛ رحيم دائم الرحمة بالناس؛ ومن شأن الرحيم أن يتقدم عباده لعباده بفعل الخير؛ رحمة بالناس؛ لكي يسود الخير بينهم.
والفاء في قوله (تعالى): فإني غفور ؛ واقعة في جواب " من " ; لأنها شرط؛ أو في معنى الشرط؛ و " ثم " ؛ للتراخي؛ لأنه ثمة تراخ بين الظلم والغفران.