جمع سليمان جنده؛ وقال (تعالى) - في هذا الجمع -: [ ص: 5444 ] وحشر لسليمان جنوده من الجن والإنس والطير فهم يوزعون ؛ " حشر " ؛ أي: جمع لسليمان جنوده؛ ولم يكونوا من الإنس فقط؛ بل كانوا من الجن والإنس؛ و " الجن " ؛ هم من العالم الذي لا يرى في الظاهر؛ ولا غرابة في ذلك؛ فإن الذي علمه منطق الطير؛ يمده بالجن؛ والإنس؛ وقد يقال: إن المراد بالجن طوائف من الناس؛ ليسوا في أرضه؛ ولكنهم جاؤوا إليه مناصرين له؛ فهم يوزعون ؛ الفاء للإفصاح؛ التي تفصح عن شرط مقدر؛ أي: إذا اجتمعوا فهم لم يكونوا مفرقين غير محكومين ولا مضبوطين؛ بل كانوا مدفوعين؛ إلى التجمع المنظم طوائف؛ بل كانوا متحرفين للقتال؛ جاء في مفردات الراغب الأصفهاني في كلمة " وزع " : قال: " وزعته عن كذا " ؛ كففته عنه؛ قال (تعالى): وحشر لسليمان ؛ إلى قوله (تعالى): فهم يوزعون ؛ فقوله: يوزعون ؛ إشارة إلى أنهم مع كثرتهم وتفاوتهم لم يكونوا مهملين؛ ومبعدين؛ كما يكون الجيش الكثير المتأذى بمعرفتهم؛ بل كانوا مسومين ومقموعين؛ وقيل في قوله: يوزعون أي: حبس أولهم على آخرهم.
والمعنى الجملي لهذا أن هذا الجيش الذي جمع القريب والبعيد والمؤتلف والمختلف قد كان مسوسا؛ ملتئما بقيادة حكيم؛ وقد سار الجيش سيرا حثيثا؛ وأحس به النمل؛ فتكلم ليرتب أمره؛ فقال (تعالى) - عنهما -: