nindex.php?page=treesubj&link=28845_30563_30569_30726_32423_32431_32438_33522_28974nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=118يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا ودوا ما عنتم قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر قد بينا لكم الآيات إن كنتم تعقلون nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=119ها أنتم أولاء تحبونهم ولا يحبونكم وتؤمنون بالكتاب كله وإذا لقوكم قالوا آمنا وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل من الغيظ قل موتوا بغيظكم إن الله عليم بذات الصدور nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=120إن تمسسكم حسنة تسؤهم وإن تصبكم سيئة يفرحوا بها وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا إن الله بما يعملون محيط [ ص: 1378 ] هذه الآية " وما وليها من آيات فيها عود إلى
nindex.php?page=treesubj&link=28802التحذير مما يريده أهل الكتاب والمنافقون من أهل الإيمان والإخلاص، فقد قال تعالى من قبل:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=100يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب يردوكم بعد إيمانكم كافرين وبين
nindex.php?page=treesubj&link=28822وجوب الاعتصام بحبل الله تعالى وهو كتابه تعالت كلماته، وعظمت آياته، لتتم الوحدة الإسلامية، ثم ذكر من بعد ذلك بعض أحوال أهل الكتاب، وما عساه قد يكون في بعضهم من خير، وما عليه سائرهم من شر، وفي هذه الآية يحذر تحذيرا شديدا من نوع آخر، فقد كان التحذير متجها إلى الحث على اليقظة الفكرية، حتى لا يفسد أهل الكتاب على المؤمنين دينهم الذي ارتضوا، فبين أنه لا يصح الاسترسال في إرضائهم، فإنه لا يرضيهم من المؤمن إلا أن يخرج عن دينه ويطرحه وراءه ظهريا، وأن يسير وراء ركبهم، ولقد قال جل شأنه:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=120ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم
فالتحذير هنالك للخوف على العقيدة أن يفسدها هؤلاء، أما التحذير هنا فهو للخوف من أن يفسد أولئك المنافقون من أهل الكتاب الجماعة الإسلامية، وينشروا فيها الاضطراب، وألا يكون نظام قائم ثابت الدعائم، ولذا قال سبحانه:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=118يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم بطانة الرجل: خاصته الذين يعرفون خفايا أمره، ومكنون سره، ويستبطنون ما يخفى على غيرهم، فيعرفون موضع قوته وضعفه، ويتخذ منهم مستشاريه الذين يستشيرهم، ويستنصحهم إن احتاج إلى نصيحة، وأصل البطانة خلاف الظهارة، وتطلق على الثوب الخفي الذي يكون باطنا غير ظاهر، وقد استعير اللفظ للدلالة على الذين يختصون بالاطلاع على باطن أمر الشخص، وكأنه شبه الذين يختصون بشئون الشخص خفيها وظاهرها ببطانة الثوب التي تلاصق الجسم أو تقاربه، لقوة الاتصال في كل منهما، ولأن كليهما يمس ذاته وشخصه: بطانة الثوب تمسه حسا، وبطانة الرجل تمسه معنى، وكما أن الأولى أدرانها تكون أمكن في الأذى وتكون أسرع، كذلك الثانية تكون أمكن وأقوى تأثيرا وأسرع.
[ ص: 1379 ] ومعنى النص الكريم أنه
nindex.php?page=treesubj&link=28802لا يجوز للمؤمنين أن يتخذوا مستشارين ونصحاء، يستبطنون أمورهم من دونهم أي من غيرهم، فمعنى " دونكم " هنا " غيركم " الذين لم يبلغوا ما أنتم فيه من قوة الإيمان والإخلاص للحق، ومثل ذلك قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=82ويعملون عملا دون ذلك أي: غيره الأقل منه.
وصدر النداء بوصف الإيمان للإشارة إلى أن مقتضى الإيمان ألا يستعينوا بأولئك الذين كفروا بآيات الله تعالى، وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم، فقضية إيمانكم وكفرهم توجب ألا تأمنوهم في خاصة أموركم، ولقد كان السلف الصالح يأخذون بذلك الهدي القرآني، فقد كان
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه ينهى عن اتخاذ الأعوان من أهل الكتاب وغيرهم، فقد قال رضي الله عنه: (لا تستعملوا أهل الكتاب، فإنهم يستحلون الرشا، واستعينوا على أموركم ورعيتكم بالذين يخشون الله تعالى) وقيل
nindex.php?page=showalam&ids=2لعمر رضي الله عنه: إن ها هنا رجلا من نصارى الحيرة لا أحد أكتب منه، ولا أخط بقلم، أفلا يكتب عنك؟ فقال الإمام النافذ البصيرة: (لا آخذ بطانة من دون المؤمنين) .
وقد ذكر سبحانه الأوصاف والأحوال التي توجب الامتناع عن اتخاذ بطانة منهم، فذكر لهم أحوالا ثلاثة: أولها، وهي كافية في إبعادهم عن أسرار الدولة، وهي التي قال الله تعالى فيها:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=118لا يألونكم خبالا الخبال كالخبل: الاضطراب والفساد وهما متلازمان، فلا اضطراب إلا ومعه فساده ولا فساد إلا يترتب عليه اضطراب، فهما معنيان متقاربان ومتلازمان، ومعنى " يألو " يقصر في بذل الخير ويبذل الأذى غير مقصر ولا متوان، بل ينتهز الفرص، وهي تتعدى إلى مفعول واحد، وقد تتعدى إلى مفعولين إذا تضمنت معنى المنع، ومعنى قوله تعالى: " لا يألونكم خبالا " :لا يقصرون في جهد يبذلونه لضركم، ولا يمنعونكم خبالا واضطرابا في الأمور، أي: لا يمنعونكم باذلين الجهد في تحقيق مقصدهم ومرادهم فسادا واضطرابا في الأمور، ليفسدوا عليكم دينكم، ويقوضوا دعائم دولتكم، ويخضدوا شوكتكم، ويكون أمركم بوارا بالفتن التي يبثونها، والريب التي يثيرونها.
[ ص: 1380 ] ولقد صدق الله تعالت كلماته، فمن وقت أن صارت بطانة الملوك والأمراء من أهل الكتاب، وأمور المسلمين فوضى، تختفي الفوضى السياسية عندما يكون الأمير أوالملك قويا، ولكن تكون في بث أفكار فاسدة، وآراء تحل الوحدة، وقد كان أول من اتخذ كتابا من أهل الكتاب
nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية بن أبي سفيان ، وحسبك أن تعلم أنه في عهده انتشرت الإسرائيليات، والأفكار التي تثير الريب في الحقائق الإسلامية، وقد كان
يوحنا الدمشقي كاتب
nindex.php?page=showalam&ids=16491عبد الملك بن مروان وأبوه الذي كان كاتبا
nindex.php?page=showalam&ids=33لمعاوية يبثان الأفكار الفاسدة بين المسلمين، مثل ادعائهم عشق النبي - صلى الله عليه وسلم -
nindex.php?page=showalam&ids=15953لزينب بنت جحش، ومثل إثارة الكلام في الطلاق الثلاث، بل الكلام في أصل الطلاق، وإثارتهم الكلام في أن الله متصف بصفة الكلام أو غير متصف، وأن القرآن قديم أو غير قديم، ومثل إثارتهم الكلام في الجبر والاختيار.
وبذلك كانوا يحلون الوحدة الفكرية، ليتسنى لهم من بعد حل القوة الإسلامية، كما ظهرت النتائج من بعد.
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=118ودوا ما عنتم هذا هو الوصف الثاني، أو الحال الثانية من أحوالهم، وهي سبب لإرادتهم البوار والفساد للمسلمين، فالأولى مظهر ونتيجة، والثانية باعث ودافع، فهم لا يودون للمسلمين السعادة والرفاهية والخير والقوة، بل يودون لهم الشقاء والتعس والأذى، وليس لعاقل أن يطلع خفايا أموره ويستنصح من لا يود له إلا الشر والأذى.
ومعنى قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=118ودوا ما عنتم أي: ودوا عنتكم وهلاككم، وإجهادكم وإنزال المشقة بكم، التي يترتب عليها تفريق جمعكم، وذهاب قوتكم. و " ما " في قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=118ودوا ما عنتم هي ما المصدرية التي يسميها علماء النحو الموصول الحرفي، وهي تؤول هي وما بعدها بمصدر.
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=118قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر البغضاء: البغض الشديد المستمكن الثابت الذي لا يتغير ولا يزول، فهي صفة ثابتة. وفرق بين البغض والبغضاء فالبغض حال تقبل الزوال، وأما البغضاء فهي كراهية يبعد
[ ص: 1381 ] زوالها، وهي على ذلك أخص من البغض المطلق، إذ هي بغض مقيد، وهي تظهر من عباراتهم وكلماتهم، كما قال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=30ولتعرفنهم في لحن القول
وليس معنى ذلك أن البغضاء لا تبدو إلا في الأقوال، بل تظهر أيضا في الأفعال، ولكن عند الفحص الدقيق، والوزن الصحيح، وإن ما يظهر على اللسان هو طفح مما امتلأ به القلب، فهي فيض الإناء وما يسيح منه، وما في الإناء أكثر وأغزر، وهو المادة الوفيرة التي كان منها طفح الكيل، ولذلك قال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=118وما تخفي صدورهم أكبر أى: ما يطوون في صدورهم وتنطوي عليه نفوسهم أكثر مما يظهر، إذ إن ما يظهر هو الجزء الذي انبثق من الوكاء، أو هو في الحقيقة الرشح الذي ظهر من المسام التي تخفي ما وراءها.
وهذا الوصف هو في الحقيقة توبيخ لأولئك الذين يأتمنونهم، وحالهم في البغضاء ظاهرة مكشوفة، غير مخفية ولا مستورة.
" قد بينا لكم الآيات إن كنتم تعقلون " ختم الله تعالى هذه الأحوال بهذا النص الكريم، ليدعوهم إلى التفكير فيما هم مقبلون عليه، وليدعوهم إلى الحذر وتخير خاصتهم وبطانتهم، وخصوصا الحكام منهم، فإن البطانة تكون خيرا إن حضت على الخير، وتكون شرا إن حرضت على الشر، والعميق النظر المدرك المتعقل فيما يفعل هو الذي يدرك الأخيار من الأشرار، ولقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما روى
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=656659ما بعث الله من نبي، ولا استخلف من خليفة، إلا كانت له بطانتان: بطانة تأمره بالخير وتحضه عليه، وبطانة تأمره بالشر وتحثه عليه، والمعصوم من عصمه الله " . والآيات المراد بها تلك البينات التي ذكرها صفات وأحوالا لهؤلاء يعرفون بها، وقد بينها الله للحكام إن كانوا يدركون الأمور بعقولهم لا بشهواتهم
[ ص: 1382 ] وأهوائهم، فمعنى " إن كنتم تعقلون " : تدركون الأمور بعقولكم، وإن ذلك لحق، فما رأيت حاكما يتخذ خاصته من غير المؤمنين إلا إذا كان ممن غلبت عليه شهواته وأردته ودولته أهواؤه، وما رأيت حاكما مسلما يتجنب هؤلاء إلا إذا كان ممن غلب عقله هواه، وممن جنبه الله الزلل في الحكم.
nindex.php?page=treesubj&link=28845_30563_30569_30726_32423_32431_32438_33522_28974nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=118يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=119هَا أَنْتُمْ أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=120إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ [ ص: 1378 ] هَذِهِ الْآيَةُ " وَمَا وَلِيَهَا مِنْ آيَاتٍ فِيهَا عَوْدٌ إِلَى
nindex.php?page=treesubj&link=28802التَّحْذِيرِ مِمَّا يُرِيدُهُ أَهْلُ الْكِتَابِ وَالْمُنَافِقُونَ مَنْ أَهْلِ الْإِيمَانِ وَالْإِخْلَاصِ، فَقَدْ قَالَ تَعَالَى مِنْ قَبْلُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=100يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ وَبَيَّنَ
nindex.php?page=treesubj&link=28822وُجُوبَ الِاعْتِصَامِ بِحَبْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ كِتَابُهُ تَعَالَتْ كَلِمَاتُهُ، وَعُظِّمَتْ آيَاتُهُ، لِتَتِمَّ الْوَحْدَةُ الْإِسْلَامِيَّةُ، ثُمَّ ذَكَرَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ بَعْضَ أَحْوَالِ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَمَا عَسَاهُ قَدْ يَكُونُ فِي بَعْضِهِمْ مِنْ خَيْرٍ، وَمَا عَلَيْهِ سَائِرُهُمْ مِنْ شَرٍّ، وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ يُحَذِّرُ تَحْذِيرًا شَدِيدًا مِنْ نَوْعٍ آخَرَ، فَقَدْ كَانَ التَّحْذِيرُ مُتَّجِهًا إِلَى الْحَثِّ عَلَى الْيَقَظَةِ الْفِكْرِيَّةِ، حَتَّى لَا يُفْسِدَ أَهْلُ الْكِتَابِ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَوْا، فَبَيَّنَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الِاسْتِرْسَالُ فِي إِرْضَائِهِمْ، فَإِنَّهُ لَا يُرْضِيهِمْ مِنَ الْمُؤْمِنِ إِلَّا أَنْ يَخْرُجَ عَنْ دِينِهِ وَيَطْرَحَهُ وَرَاءَهُ ظِهْرِيًّا، وَأَنْ يَسِيرَ وَرَاءَ رَكْبِهِمْ، وَلَقَدْ قَالَ جَلَّ شَأْنُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=120وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ
فَالتَّحْذِيرُ هُنَالِكَ لِلْخَوْفِ عَلَى الْعَقِيدَةِ أَنْ يُفْسِدَهَا هَؤُلَاءِ، أَمَّا التَّحْذِيرُ هُنَا فَهُوَ لِلْخَوْفِ مِنْ أَنْ يُفْسِدَ أُولَئِكَ الْمُنَافِقُونَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ الْجَمَاعَةَ الْإِسْلَامِيَّةَ، وَيَنْشُرُوا فِيهَا الِاضْطِرَابَ، وَأَلَّا يَكُونَ نِظَامٌ قَائِمٌ ثَابِتَ الدَّعَائِمِ، وَلِذَا قَالَ سُبْحَانَهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=118يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ بِطَانَةُ الرَّجُلِ: خَاصَّتُهُ الَّذِينَ يَعْرِفُونَ خَفَايَا أَمْرِهِ، وَمَكْنُونَ سِرِّهِ، وَيَسْتَبْطِنُونَ مَا يَخْفَى عَلَى غَيْرِهِمْ، فَيَعْرِفُونَ مَوْضِعَ قُوَّتِهِ وَضَعْفِهِ، وَيَتَّخِذُ مِنْهُمْ مُسْتَشَارِيهِ الَّذِينَ يَسْتَشِيرُهُمْ، وَيَسْتَنْصَحُهُمْ إِنِ احْتَاجَ إِلَى نَصِيحَةٍ، وَأَصْلُ الْبِطَانَةِ خِلَافُ الظِّهَارَةِ، وَتُطْلَقُ عَلَى الثَّوْبِ الْخَفِيِّ الَّذِي يَكُونُ بَاطِنًا غَيْرَ ظَاهِرٍ، وَقَدِ اسْتُعِيرَ اللَّفْظُ لِلدَّلَالَةِ عَلَى الَّذِينَ يَخْتَصُّونَ بِالِاطِّلَاعِ عَلَى بَاطِنِ أَمْرِ الشَّخْصِ، وَكَأَنَّهُ شَبَّهَ الَّذِينَ يَخْتَصُّونَ بِشُئُونِ الشَّخْصِ خُفِيِّهَا وَظَاهِرِهَا بِبِطَانَةِ الثَّوْبِ الَّتِي تُلَاصِقُ الْجِسْمَ أَوْ تُقَارِبُهُ، لِقُوَّةِ الِاتِّصَالِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا، وَلِأَنَّ كِلَيْهِمَا يَمَسُّ ذَاتَهُ وَشَخْصَهُ: بِطَانَةُ الثَّوْبِ تَمَسُّهُ حِسًّا، وَبِطَانَةُ الرَّجُلِ تَمَسُّهُ مَعْنًى، وَكَمَا أَنَّ الْأُولَى أَدْرَانُهَا تَكُونُ أَمْكَنَ فِي الْأَذَى وَتَكُونُ أَسْرَعَ، كَذَلِكَ الثَّانِيَةُ تَكُونُ أَمْكَنَ وَأَقْوَى تَأْثِيرًا وَأَسْرَعَ.
[ ص: 1379 ] وَمَعْنَى النَّصِّ الْكَرِيمِ أَنَّهُ
nindex.php?page=treesubj&link=28802لَا يَجُوزُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَتَّخِذُوا مُسْتَشَارِينَ وَنُصَحَاءَ، يَسْتَبْطِنُونَ أُمُورَهُمْ مِنْ دُونِهِمْ أَيْ مِنْ غَيْرِهِمْ، فَمَعْنَى " دُونَكُمْ " هُنَا " غَيْرُكُمُ " الَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا مَا أَنْتُمْ فِيهِ مِنْ قُوَّةِ الْإِيمَانِ وَالْإِخْلَاصِ لِلْحَقِّ، وَمِثْلُ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=82وَيَعْمَلُونَ عَمَلا دُونَ ذَلِكَ أَيْ: غَيْرَهُ الْأَقَلَّ مِنْهُ.
وَصُدِّرَ النِّدَاءُ بِوَصْفِ الْإِيمَانِ لِلْإِشَارَةِ إِلَى أَنَّ مُقْتَضَى الْإِيمَانِ أَلَّا يَسْتَعِينُوا بِأُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ تَعَالَى، وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ، فَقَضِيَّةُ إِيمَانِكُمْ وَكُفْرِهِمْ تُوجِبُ أَلَّا تَأْمَنُوهُمْ فِي خَاصَّةِ أُمُورِكُمْ، وَلَقَدْ كَانَ السَّلَفُ الصَّالِحُ يَأْخُذُونَ بِذَلِكَ الْهَدْيِ الْقُرْآنِيِّ، فَقَدْ كَانَ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَنْهَى عَنِ اتِّخَاذِ الْأَعْوَانِ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَغَيْرِهِمْ، فَقَدْ قَالَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: (لَا تَسْتَعْمِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ، فَإِنَّهُمْ يَسْتَحِلُّونَ الرِّشَا، وَاسْتَعِينُوا عَلَى أُمُورِكُمْ وَرَعِيَّتِكُمْ بِالَّذِينِ يَخْشَوْنَ اللَّهَ تَعَالَى) وَقِيلَ
nindex.php?page=showalam&ids=2لِعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إِنَّ هَا هُنَا رَجُلًا مِنْ نَصَارَى الْحِيرَةِ لَا أَحَدَ أَكْتَبَ مِنْهُ، وَلَا أَخَطَّ بِقَلَمٍ، أَفَلَا يَكْتُبُ عَنْكَ؟ فَقَالَ الْإِمَامُ النَّافِذُ الْبَصِيرَةِ: (لَا آخُذُ بِطَانَةً مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ) .
وَقَدْ ذُكَرَ سُبْحَانَهُ الْأَوْصَافَ وَالْأَحْوَالَ الَّتِي تُوجِبُ الِامْتِنَاعَ عَنِ اتِّخَاذِ بِطَانَةٍ مِنْهُمْ، فَذَكَرَ لَهُمْ أَحْوَالًا ثَلَاثَةً: أَوَّلُهَا، وَهِيَ كَافِيَةٌ فِي إِبْعَادِهِمْ عَنْ أَسْرَارِ الدَّوْلَةِ، وَهِيَ الَّتِي قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهَا:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=118لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالا الْخَبَالُ كَالْخَبَلِ: الِاضْطِرَابُ وَالْفَسَادُ وَهُمَا مُتَلَازِمَانِ، فَلَا اضْطِرَابَ إِلَّا وَمَعَهُ فَسَادُهُ وَلَا فَسَادَ إِلَّا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ اضْطِرَابٌ، فَهُمَا مَعْنَيَانِ مُتَقَارِبَانِ وَمُتَلَازِمَانِ، وَمَعْنَى " يَأْلُو " يُقَصِّرُ فِي بَذْلِ الْخَيْرِ وَيَبْذُلُ الْأَذَى غَيْرَ مُقَصِّرٍ وَلَا مُتَوَانٍ، بَلْ يَنْتَهِزُ الْفُرَصَ، وَهِيَ تَتَعَدَّى إِلَى مَفْعُولٍ وَاحِدٍ، وَقَدْ تَتَعَدَّى إِلَى مَفْعُولَيْنِ إِذَا تَضَمَّنَتْ مَعْنَى الْمَنْعِ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى: " لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا " :لَا يُقَصِّرُونَ فِي جُهْدٍ يَبْذُلُونَهُ لِضَرِّكُمْ، وَلَا يَمْنَعُونَكُمْ خَبَالًا وَاضْطِرَابًا فِي الْأُمُورِ، أَيْ: لَا يَمْنَعُونَكُمْ بَاذِلِينَ الْجُهْدَ فِي تَحْقِيقِ مَقْصِدِهِمْ وَمُرَادِهِمْ فَسَادًا وَاضْطِرَابًا فِي الْأُمُورِ، لِيُفْسِدُوا عَلَيْكُمْ دِينَكُمْ، وَيُقَوِّضُوا دَعَائِمَ دَوْلَتِكُمْ، وَيُخَضِّدُوا شَوْكَتَكُمْ، وَيَكُونُ أَمْرُكُمْ بَوَارًا بِالْفِتَنِ الَّتِي يَبُثُّونَهَا، وَالرِّيَبِ الَّتِي يُثِيرُونَهَا.
[ ص: 1380 ] وَلَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ تَعَالَتْ كَلِمَاتُهُ، فَمِنْ وَقْتِ أَنْ صَارَتْ بِطَانَةُ الْمُلُوكِ وَالْأُمَرَاءِ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَأُمُورُ الْمُسْلِمِينَ فَوْضَى، تَخْتَفِي الْفَوْضَى السِّيَاسِيَّةُ عِنْدَمَا يَكُونُ الْأَمِيرُ أَوِالْمَلِكُ قَوِيًّا، وَلَكِنْ تَكُونُ فِي بَثِّ أَفْكَارٍ فَاسِدَةٍ، وَآرَاءَ تَحُلُّ الْوَحْدَةَ، وَقَدْ كَانَ أَوَّلُ مَنِ اتَّخَذَ كُتَّابًا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ
nindex.php?page=showalam&ids=33مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ ، وَحَسْبُكَ أَنْ تَعْلَمَ أَنَّهُ فِي عَهْدِهِ انْتَشَرَتِ الْإِسْرَائِيلِيَّاتُ، وَالْأَفْكَارُ الَّتِي تُثِيرُ الرَّيْبَ فِي الْحَقَائِقِ الْإِسْلَامِيَّةِ، وَقَدْ كَانَ
يُوحَنَّا الدِّمَشْقِيُّ كَاتِبَ
nindex.php?page=showalam&ids=16491عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ وَأَبُوهُ الَّذِي كَانَ كَاتِبًا
nindex.php?page=showalam&ids=33لِمُعَاوِيَةَ يَبُثَّانِ الْأَفْكَارَ الْفَاسِدَةَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، مِثْلَ ادِّعَائِهِمْ عِشْقَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
nindex.php?page=showalam&ids=15953لِزَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ، وَمِثْلَ إِثَارَةِ الْكَلَامِ فِي الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ، بَلِ الْكَلَامِ فِي أَصْلِ الطَّلَاقِ، وَإِثَارَتِهِمُ الْكَلَامَ فِي أَنَّ اللَّهَ مُتَّصِفٌ بِصِفَةِ الْكَلَامِ أَوْ غَيْرُ مُتَّصِفٍ، وَأَنَّ الْقُرْآنَ قَدِيمٌ أَوْ غَيْرُ قَدِيمٍ، وَمِثْلَ إِثَارَتِهِمُ الْكَلَامَ فِي الْجَبْرِ وَالِاخْتِيَارِ.
وَبِذَلِكَ كَانُوا يَحُلُّونَ الْوَحْدَةَ الْفِكْرِيَّةَ، لِيَتَسَنَّى لَهُمْ مِنْ بَعْدُ حَلُّ الْقُوَّةِ الْإِسْلَامِيَّةِ، كَمَا ظَهَرَتِ النَّتَائِجُ مِنْ بَعْدُ.
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=118وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ هَذَا هُوَ الْوَصْفُ الثَّانِي، أَوِ الْحَالُ الثَّانِيَةُ مِنْ أَحْوَالِهِمْ، وَهِيَ سَبَبٌ لِإِرَادَتِهِمُ الْبَوَارَ وَالْفَسَادَ لِلْمُسْلِمِينَ، فَالْأُولَى مَظْهَرٌ وَنَتِيجَةٌ، وَالثَّانِيَةُ بَاعِثٌ وَدَافَعٌ، فَهُمْ لَا يَوَدُّونَ لِلْمُسْلِمِينَ السَّعَادَةَ وَالرَّفَاهِيَةَ وَالْخَيْرَ وَالْقُوَّةَ، بَلْ يَوَدُّونَ لَهُمُ الشَّقَاءَ وَالتَّعَسَ وَالْأَذَى، وَلَيْسَ لِعَاقِلٍ أَنْ يُطْلِعَ خَفَايَا أُمُورِهِ وَيَسْتَنْصِحَ مَنْ لَا يَوَدُّ لَهُ إِلَّا الشَّرَّ وَالْأَذَى.
وَمَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=118وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ أَيْ: وَدُّوا عَنَتَكُمْ وَهَلَاكَكُمْ، وَإِجْهَادَكُمْ وَإِنْزَالَ الْمَشَقَّةِ بِكُمْ، الَّتِي يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا تَفْرِيقُ جَمْعِكُمْ، وَذَهَابُ قُوَّتِكُمْ. وَ " مَا " فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=118وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ هِيَ مَا الْمَصْدَرِيَّةُ الَّتِي يُسَمِّيهَا عُلَمَاءُ النَّحْوِ الْمَوْصُولَ الْحَرْفِيَّ، وَهِيَ تُؤَوَّلُ هِيَ وَمَا بَعْدَهَا بِمَصْدَرٍ.
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=118قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ الْبَغْضَاءُ: الْبُغْضُ الشَّدِيدُ الْمُسْتَمْكِنُ الثَّابِتُ الَّذِي لَا يَتَغَيَّرُ وَلَا يَزُولُ، فَهِيَ صِفَةٌ ثَابِتَةٌ. وَفَرْقٌ بَيْنَ الْبُغْضِ وَالْبَغْضَاءِ فَالْبُغْضُ حَالٌ تَقْبَلُ الزَّوَالَ، وَأَمَّا الْبَغْضَاءُ فَهِيَ كَرَاهِيَةٌ يَبْعُدُ
[ ص: 1381 ] زَوَالُهَا، وَهِيَ عَلَى ذَلِكَ أَخَصُّ مِنَ الْبُغْضِ الْمُطْلَقِ، إِذْ هِيَ بُغْضٌ مُقَيَّدٌ، وَهِيَ تَظْهَرُ مِنْ عِبَارَاتِهِمْ وَكَلِمَاتِهِمْ، كَمَا قَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=30وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ
وَلَيْسَ مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ الْبَغْضَاءَ لَا تَبْدُو إِلَّا فِي الْأَقْوَالِ، بَلْ تَظْهَرُ أَيْضًا فِي الْأَفْعَالِ، وَلَكِنْ عِنْدَ الْفَحْصِ الدَّقِيقِ، وَالْوَزْنِ الصَّحِيحِ، وَإِنَّ مَا يَظْهَرُ عَلَى اللِّسَانِ هُوَ طَفْحٌ مِمَّا امْتَلَأَ بِهِ الْقَلْبُ، فَهِيَ فَيْضُ الْإِنَاءِ وَمَا يَسِيحُ مِنْهُ، وَمَا فِي الْإِنَاءِ أَكْثَرُ وَأَغْزَرُ، وَهُوَ الْمَادَّةُ الْوَفِيرَةُ الَّتِي كَانَ مِنْهَا طَفْحُ الْكَيْلِ، وَلِذَلِكَ قَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=118وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ أَىْ: مَا يَطْوُونَ فِي صُدُورِهِمْ وَتَنْطَوِي عَلَيْهِ نُفُوسُهُمْ أَكْثَرَ مِمَّا يَظْهَرُ، إِذْ إِنَّ مَا يَظْهَرُ هُوَ الْجُزْءُ الَّذِي انْبَثَقَ مِنَ الْوِكَاءِ، أَوْ هُوَ فِي الْحَقِيقَةِ الرَّشْحُ الَّذِي ظَهَرَ مِنَ الْمَسَامِّ الَّتِي تُخْفِي مَا وَرَاءَهَا.
وَهَذَا الْوَصْفُ هُوَ فِي الْحَقِيقَةِ تَوْبِيخٌ لِأُولَئِكَ الَّذِينَ يَأْتَمِنُونَهُمْ، وَحَالُهُمْ فِي الْبَغْضَاءِ ظَاهِرَةٌ مَكْشُوفَةٌ، غَيْرَ مَخْفِيَّةٍ وَلَا مَسْتُورَةٍ.
" قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ " خَتَمَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْأَحْوَالَ بِهَذَا النَّصِّ الْكَرِيمِ، لِيَدْعُوَهُمْ إِلَى التَّفْكِيرِ فِيمَا هُمْ مُقْبِلُونَ عَلَيْهِ، وَلِيَدْعُوَهُمْ إِلَى الْحَذَرِ وَتَخَيُّرِ خَاصَّتِهِمْ وَبِطَانَتِهِمْ، وَخُصُوصًا الْحُكَّامَ مِنْهُمْ، فَإِنَّ الْبِطَانَةَ تَكُونُ خَيْرًا إِنْ حَضَّتْ عَلَى الْخَيْرِ، وَتَكُونُ شَرًّا إِنْ حَرَّضَتْ عَلَى الشَّرِّ، وَالْعَمِيقُ النَّظَرِ الْمُدْرَكُ الْمُتَعَقِّلُ فِيمَا يَفْعَلُ هُوَ الَّذِي يُدْرِكُ الْأَخْيَارَ مِنَ الْأَشْرَارِ، وَلَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيمَا رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=656659مَا بَعَثَ اللَّهُ مِنْ نَبِيٍّ، وَلَا اسْتَخْلَفَ مِنْ خَلِيفَةٍ، إِلَّا كَانَتْ لَهُ بِطَانَتَانِ: بِطَانَةً تَأْمُرُهُ بِالْخَيْرِ وَتَحُضُّهُ عَلَيْهِ، وَبِطَانَةً تَأْمُرُهُ بِالشَّرِّ وَتَحُثُّهُ عَلَيْهِ، وَالْمَعْصُومُ مَنْ عَصَمَهُ اللَّهُ " . وَالْآيَاتُ الْمُرَادُ بِهَا تِلْكَ الْبَيِّنَاتِ الَّتِي ذَكَرَهَا صِفَاتٍ وَأَحْوَالًا لِهَؤُلَاءِ يُعْرَفُونَ بِهَا، وَقَدْ بَيَّنَهَا اللَّهُ لِلْحُكَّامِ إِنْ كَانُوا يُدْرِكُونَ الْأُمُورَ بِعُقُولِهِمْ لَا بِشَهَوَاتِهِمْ
[ ص: 1382 ] وَأَهْوَائِهِمْ، فَمَعْنَى " إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ " : تُدْرِكُونَ الْأُمُورَ بِعُقُولِكُمْ، وَإِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ، فَمَا رَأَيْتُ حَاكِمًا يَتَّخِذُ خَاصَّتَهُ مِنْ غَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَّا إِذَا كَانَ مِمَّنْ غَلَبَتْ عَلَيْهِ شَهَوَاتُهُ وَأَرْدَتْهُ وَدَوَلَتْهُ أَهْوَاؤُهُ، وَمَا رَأَيْتُ حَاكِمًا مُسْلِمًا يَتَجَنَّبُ هَؤُلَاءِ إِلَّا إِذَا كَانَ مِمَّنْ غَلَبَ عَقْلَهُ هَوَاهُ، وَمِمَّنْ جَنَّبَهُ اللَّهُ الزَّلَلَ فِي الْحُكْمِ.