يريد الله أن يخفف عنكم يريد الله تعالى بهذه الأحكام التي ليست فيها شدة تنوء بها القوى الإنسانية، وليس فيها حرمان من الطبائع البشرية، كما أنها لا تفتح باب الشهوات والعبث والمجون، يريد سبحانه أن يخفف عنكم، فلا يكون فيكم الحرمان من متع الحياة، ولا يكون فيكم الانطلاق الذي يحل جماعتكم، ويسلط عليكم الأهواء والشهوات، فترديكم، وتذهب ريحكم، فشرع الله تعالى إذ قال سبحانه: إباحة الطيبات، ومن حرمها فقد خالف أمر ربه لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم وقال تعالى: قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق وقال - صلى الله عليه وسلم -: " " ، وليس في الإسلام رهبانية، ولا انقطاع عن النساء، ولكن ليس فيه إباحة مطلقة، وكان ذلك التخفيف في التكليف ليسهل على الإنسان الاحتمال، وقد قال تعالى: كلوا [ ص: 1654 ] واشربوا والبسوا من غير سرف ولا مخيلة وخلق الإنسان ضعيفا أي: خلق الله تعالى الإنسان والضعف ملازم له، وليس الضعف المذكور هو الضعف البدني فقط، بل يشمل الضعف النفسي، فالتكليفات يلاحظ فيها ذلك الضعف، ولذلك كانت كل التكليفات يسهل تعويد النفس عليها، ولا يصعب احتمالها والمداومة عليها، وقد ولذا قال عليه الصلاة والسلام: " حث الإسلام على السهل من الأعمال التي يمكن المداومة عليها، " ، ولضعف الإنسان أبيح له من الشهوات ما لا يجعله عبدا لشهوته، بل يكون سيدا عليها، وإن أبرز مظاهر الضعف الإنساني يكون أمام النساء، ولذا أبيح له مثنى وثلاث ورباع، من غير بغي ولا ظلم.، ولقد قال أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل : ما أيس الشيطان من بني آدم قط إلا آتاهم من قبل النساء، فقد أتى علي ثمانون سنة، وذهبت إحدى عيني، وأنا أعشو بالأخرى، وإن أخوف ما أخاف علي فتنة النساء ! وقانا الله تعالى شر ضعف نفوسنا، وقوى عزائمنا وهدانا إلى الحق، والله سبحانه وتعالى يتولانا برحمته. سعيد بن المسيب