( ومن أوصى بأن يحج عنه فأحجوا عنه رجلا فلما بلغ الكوفة مات [ ص: 155 ] أو سرقت نفقته وقد أنفق النصف يحج عن الميت من منزله بثلث ما بقي ) وهذا عند أبي حنيفة رحمه الله ( وقالا : يحج عنه من حيث مات الأول ) فالكلام هاهنا في اعتبار الثلث وفي مكان الحج .
أما الأول فالمذكور قول أبي حنيفة رحمه الله . أما عند محمد يحج عنه بما بقي من المال المدفوع إليه إن بقي شيء وإلا بطلت الوصية اعتبارا بتعيين الموصي إذ تعيين الوصي كتعيينه وعند أبي يوسف رحمه الله يحج عنه بما بقي من الثلث الأول لأنه هو المحل لنفاذ الوصية .
ولأبي حنيفة أن قسمة الوصي وعزله المال لا يصح إلا بالتسليم إلى الوجه الذي سماه الموصي لأنه لا خصم له ليقبض ولم يوجد التسليم إلى ذلك الوجه فصار كما إذا هلك قبل الإفراز والعزل فيحج بثلث ما بقي . [ ص: 156 ] وأما الثاني فوجه قول أبي حنيفة رحمه الله وهو القياس أن القدر الموجود من السفر قد بطل في حق أحكام الدنيا ، قال صلى الله عليه وسلم { إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث } الحديث ، وتنفيذ الوصية من أحكام الدنيا فبقيت الوصية من وطنه كأن لم يوجد الخروج .
وجه قولهما وهو الاستحسان أن سفره لم يبطل لقوله تعالى { ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله } الآية ، وقال صلى الله عليه وسلم { من مات في طريق الحج كتب له حجة مبرورة في كل سنة } وإذا لم يبطل سفره اعتبرت الوصية من ذلك المكان ، وأصل الاختلاف في الذي [ ص: 157 - 158 ] يحج بنفسه ، وينبني على ذلك المأمور بالحج .


