ومن أسلم في دار الحرب ولم يهاجر إلينا لا يصح أمانه لما بينا ( ولا يجوز أمان العبد المحجور عند أبي حنيفة إلا أن يأذن له مولاه في القتال . وقال محمد يصح ) وهو قول الشافعي ، وأبو يوسف معه في رواية ، ومع أبي حنيفة في رواية [ ص: 466 ] لمحمد قوله عليه الصلاة والسلام { أمان العبد أمان } رواه أبو موسى الأشعري ، ولأنه مؤمن ممتنع فيصح أمانه اعتبارا بالمأذون له في القتال وبالمؤيد من الأمان ، فالإيمان لكونه شرطا للعبادة ، والجهاد عبادة ، والامتناع لتحقق إزالة الخوف به ، والتأثير إعزاز الدين وإقامة المصلحة في حق جماعة المسلمين ; إذ الكلام في مثل هذه الحالة ، وإنما لا يملك المسايفة لما فيه من تعطيل منافع المولى ولا تعطيل في مجرد القول . ولأبي حنيفة أنه محجور عن القتال فلا يصح أمانه لأنهم لا يخافونه فلم يلاق الأمان محله ، [ ص: 467 ] بخلاف المأذون له في القتال لأن الخوف منه متحقق ، ولأنه إنما لا يملك المسايفة لما أنه تصرف في حق المولى على وجه لا يعري عن احتمال الضرر في حقه ، والأمان نوع قتال وفيه ما ذكرناه ; لأنه قد يخطئ بل هو الظاهر ، وفيه سد باب الاستغنام ، بخلاف المأذون لأنه رضي به والخطأ نادر لمباشرته القتال ، وبخلاف المؤبد لأنه خلف عن الإسلام فهو بمنزلة الدعوة إليه ، ولأنه مقابل بالجزية ولأنه مفروض عند مسألتهم ذلك ، وإسقاط الفرض نفع فافترقا . [ ص: 468 ] ولو أمن الصبي وهو لا يعقل لا يصح كالمجنون وإن كان يعقل وهو محجور عن القتال فعلى الخلاف ، وإن كان مأذونا له في القتال فالأصح أنه يصح بالاتفاق .


