قال ( ولا بأس بأن ) قال رضي الله عنه : أرسل ولم يقيده بالحاجة ، وقد شرطها في رواية ولم يشترطها في أخرى . وجه الأولى أنه مشترك بين الغانمين فلا يباح الانتفاع به إلا لحاجة كما في الثياب والدواب . وجه الأخرى قوله عليه الصلاة والسلام { يعلف العسكر في دار الحرب ويأكلوا ما وجدوه من الطعام خيبر كلوها واعلفوها ولا تحملوها } ولأن الحكم يدار على دليل الحاجة وهو كونه في دار الحرب ، لأن الغازي لا يستصحب قوت نفسه وعلف ظهره مدة مقامه فيها والميرة منقطعة ، فبقي على أصل الإباحة للحاجة بخلاف السلاح لأنه يستصحبه فانعدم دليل الحاجة ، وقد تمس إليه الحاجة فتعتبر حقيقتها فيستعمله ثم يرده في المغنم إذا استغنى عنه ، والدابة مثل السلاح ، والطعام كالخبز واللحم وما يستعمل فيه كالسمن والزيت . في طعام
قال ( ويستعملوا الحطب ) وفي بعض النسخ : الطيب ، [ ص: 485 ] ( ويدهنوا بالدهن ويوقحوا به الدابة ) لمساس الحاجة إلى جميع ذلك ( ويقاتلوا بما يجدونه من السلاح ، كل ذلك بلا قسمة ) وتأويله إذا احتاج إليه بأن لم يكن له سلاح وقد بيناه ( ولا يجوز أن يبيعوا من ذلك شيئا ولا يتمولونه ) لأن البيع يترتب على الملك ولا ملك على ما قدمناه ، وإنما هو إباحة وصار كالمباح له الطعام ، وقوله ولا يتمولونه إشارة إلى أنهم لا يبيعونه بالذهب والفضة والعروض لأنه لا ضرورة إلى ذلك ، فإن باعه أحدهم رد الثمن إلى الغنيمة ; لأنه بدل عين كانت للجماعة .
وأما الثياب والمتاع فيكره الانتفاع بها قبل القسمة من غير حاجة للاشتراك ، إلا أنه يقسم الإمام بينهم في دار الحرب إذا احتاجوا إلى الثياب والدواب والمتاع ; لأن المحرم يستباح للضرورة فالمكروه أولى ، وهذا لأن حق المدد محتمل ، وحاجة هؤلاء متيقن بها فكان أولى بالرعاية ، ولم يذكر القسمة في السلاح ، ولا فرق في الحقيقة لأنه إذا احتاج واحد يباح له الانتفاع في الفصلين ، وإن احتاج الكل يقسم في الفصلين ، بخلاف ما إذا احتاجوا إلى السبي حيث لا يقسم لأن الحاجة إليه من فضول الحوائج .