كتاب الوقف [ ص: 200 - 203 ] قال : أبو حنيفة فيقول إذا مت فقد وقفت داري على كذا . وقال لا يزول ملك الواقف عن الوقف إلا أن يحكم به الحاكم أو يعلقه بموته ( يزول ملكه بمجرد القول . وقال أبو يوسف : لا يزول حتى يجعل للوقف وليا ويسلمه إليه ) قال رضي الله عنه : الوقف لغة . هو الحبس تقول وقفت الدابة وأوقفتها بمعنى . وهو في الشرع عند محمد : حبس العين على ملك الواقف والتصدق بالمنفعة بمنزلة العارية . ثم قيل المنفعة معدومة فالتصدق بالمعدوم لا يصح ، فلا يجوز الوقف أصلا عنده ، وهو الملفوظ في الأصل . والأصح أنه جائز عنده إلا أنه غير لازم بمنزلة العارية ، وعندهما حبس العين على حكم ملك الله تعالى فيزول ملك الواقف عنه إلى الله تعالى على وجه تعود [ ص: 204 ] منفعته إلى العباد فيلزم أبي حنيفة . ولا يباع ولا يوهب ولا يورث
واللفظ ينتظمهما والترجيح بالدليل . لهما { رضي الله عنه حين أراد أن يتصدق بأرض له تدعى ثمغ : تصدق بأصلها لا يباع ولا [ ص: 205 ] يورث ولا يوهب لعمر } ولأن الحاجة ماسة إلى أن يلزم الوقف منه ليصل ثوابه إليه على الدوام ، وقد أمكن دفع حاجته [ ص: 206 ] بإسقاط الملك وجعله لله تعالى . إذ له نظير في الشرع وهو المسجد فيجعل كذلك . قول النبي صلى الله عليه وسلم قوله عليه الصلاة والسلام { ولأبي حنيفة } وعن لا حبس عن فرائض الله تعالى : جاء شريح محمد عليه الصلاة والسلام ببيع الحبيس لأن الملك باق فيه بدليل أنه يجوز الانتفاع به زراعة وسكنى وغير ذلك والملك فيه للواقف ; ألا ترى أن له ولاية التصرف فيه بصرف غلاته إلى مصارفها ونصب القوامر فيها إلا أنه يتصدق بمنافعه فصار شبيه العارية ، ولأنه يحتاج إلى التصدق بالغلة دائما ولا تصدق عنه إلا بالبقاء على ملكه ، ولأنه لا يمكن أن يزال ملكه ، لا إلى مالك لأنه غير مشروع مع بقائه كالسائبة . بخلاف الإعتاق لأنه إتلاف ، [ ص: 207 ] وبخلاف المسجد لأنه جعل خالصا لله تعالى ولهذا لا يجوز الانتفاع به ، وهنا لم ينقطع حق العبد عنه فلم يصر خالصا لله تعالى . قال رضي الله عنه : قال في الكتاب : لا يزول ملك الواقف إلا أن يحكم به الحاكم أو يعلقه بموته ، وهذا في حكم الحاكم صحيح ; لأنه قضاء في مجتهد فيه ، أما في تعليقه بالموت فالصحيح أنه لا يزول ملكه إلا أنه تصدق بمنافعه مؤبدا فيصير بمنزلة الوصية بالمنافع مؤبدا فيلزم ، والمراد بالحاكم المولى ، فأما المحكم ففيه اختلاف المشايخ .