الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
( nindex.php?page=treesubj&link=1244ويقنت في الثالثة قبل الركوع ) وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله بعده لما روي { nindex.php?page=hadith&LINKID=46956أنه عليه الصلاة والسلام قنت في آخر الوتر } وهو بعد الركوع . ولنا ما روي { nindex.php?page=hadith&LINKID=64488أنه عليه الصلاة والسلام قنت قبل الركوع } [ ص: 429 ] وما زاد على نصف الشيء آخره
( قوله وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله بعده ) أي بعد الركوع من الوتر ، هاهنا ثلاث خلافيات : إحداها أنه إذا قنت في الوتر يقنت قبل الركوع أو بعده . والثانية أن nindex.php?page=treesubj&link=1242القنوت في الوتر في جميع السنة أو في النصف الأخير من رمضان . والثالثة هل يقنت في غير الوتر أو لا ، له في الأولى ما روى nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني عن { nindex.php?page=hadith&LINKID=82375nindex.php?page=showalam&ids=16072سويد بن غفلة . قال سمعت nindex.php?page=showalam&ids=1أبا بكر nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر nindex.php?page=showalam&ids=7وعثمان nindex.php?page=showalam&ids=8وعليا رضي الله تعالى عنهم يقولون : قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر الوتر وكانوا يفعلون ذلك } .
وقوله وهو بعد الركوع من كلام المصنف على لسان الخصم ، ولهم ما هو أنص من ذلك وهو ما رواه nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم عن الحسن بن علي رضي الله عنهما وصححه قال { nindex.php?page=hadith&LINKID=82376علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات أقولهن في وتري إذا رفعت رأسي ولم يبق إلا السجود : اللهم اهدني فيمن هديت } إلى آخره ، وسنذكره في القنوت ( قوله ولنا ما روي { nindex.php?page=hadith&LINKID=64488أنه صلى الله عليه وسلم قنت قبل الركوع } ) لو قال : كان يقنت كان أولى . قال nindex.php?page=showalam&ids=15395النسائي nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه : حدثنا علي بن ميمون الرقي ، حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17057مخلد بن يزيد عن سفيان عن زبيد اليامي عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه عن nindex.php?page=showalam&ids=34أبي بن كعب { nindex.php?page=hadith&LINKID=44362أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوتر فيقنت قبل الركوع } انتهى nindex.php?page=showalam&ids=13478لابن ماجه .
ولفظ nindex.php?page=showalam&ids=15395النسائي { nindex.php?page=hadith&LINKID=64375كان يوتر بثلاث ، يقرأ في الأولى سبح اسم ربك الأعلى ، وفي الثانية قل يا أيها الكافرون ، وفي الثالثة قل هو الله أحد ، ويقنت قبل الركوع } انتهى . وزاد في سننه { nindex.php?page=hadith&LINKID=64376فإذا فرغ قال : سبحان الملك القدوس ثلاث مرات يطيل في آخرهن } ثم قال وقد روى هذا الحديث غير واحد عن زبيد اليامي ولم يقل فيه وقنت قبل الركوع ، يريد بغير واحد من الرواة عن زبيد الذين لم يذكروا القنوت nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش nindex.php?page=showalam&ids=16102وشعبة nindex.php?page=showalam&ids=16486وعبد الملك بن أبي سليمان nindex.php?page=showalam&ids=15627وجرير بن حازم .
لكن غايته أنه تفرد العدل بالزيادة وزيادة العدل مقبولة . وقد أخرج nindex.php?page=showalam&ids=14231الخطيب في كتاب القنوت له حديث أبي الحسن أحمد بن محمد الأهوازي أنا أحمد بن محمد بن سعيد ، حدثنا أحمد بن الحسين بن عبد الملك ، حدثنا منصور بن أبي نويرة عن شريك عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود رضي الله عنه { nindex.php?page=hadith&LINKID=64377أن النبي صلى الله عليه وسلم قنت في الوتر قبل الركوع } وذكره ابن الجوزي في التحقيق وسكت عنه .
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن عطاء بن مسلم حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=14807العلاء بن المسيب عن nindex.php?page=showalam&ids=15683حبيب بن أبي ثابت عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال { nindex.php?page=hadith&LINKID=64378أوتر النبي صلى الله عليه وسلم [ ص: 429 ] بثلاث فقنت فيها قبل الركوع } وأخرج nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني في الأوسط حدثنا محمود بن محمد المروزي ، حدثنا سهيل بن العباس الترمذي ، حدثنا سعيد بن سالم القداح عن عبيد الله عن nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر { nindex.php?page=hadith&LINKID=64360أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوتر بثلاث ركعات ويجعل القنوت قبل الركوع } وقول أبي نعيم غريب من حديث حبيب ، والعلاء تفرد به عطاء بن مسلم ، وقول nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني لم يروه عن عبيد الله إلا سعيد بن سالم لا يوجب البعد لما قلنا في كلام nindex.php?page=showalam&ids=15395النسائي ، بل قد حصل من انفراد nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري عن زبيد ، ومن تفرد عطاء بن مسلم عن العلاء ، ومن تفرد سعيد عن عبيد الله مع حديث nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود الذي سكت عليه في التحقيق تظافر كثير مع أن كل طريق منها إما حسن أو صحيح .
وما في حديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس { nindex.php?page=hadith&LINKID=82377أنه صلى الله عليه وسلم قنت بعد الركوع } فالمراد منه أن ذلك كان شهرا فقط بدليل ما في الصحيح عن { nindex.php?page=hadith&LINKID=82378عاصم الأحول ، سألت nindex.php?page=showalam&ids=9أنسا عن القنوت في الصلاة قال نعم ، فقلت : أكان قبل الركوع أو بعده ؟ قال قبله ، قلت : فإن فلانا أخبرني عنك أنك قلت بعده ، قال كذب ، إنما قنت صلى الله عليه وسلم بعد الركوع شهرا } انتهى nindex.php?page=showalam&ids=16274وعاصم كان ثقة جدا ولا معارضة محتمة في ذلك مع ما رواه أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=9أنس ، بل هذه تصلح مفسرة للمراد بمرويهم أنه قنت بعده ، ومما يحقق ذلك أن عمل الصحابة وأكثرهم كان على وفق ما قلنا : قال nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17376يزيد بن هارون عن nindex.php?page=showalam&ids=17235هشام الدستوائي عن حماد عن إبراهيم عن علقمة أن nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود وأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يقنتون في الوتر قبل الركوع .
ولما ترجح ذلك خرج ما بعد الركوع مع كونه محلا للقنوت ، فلذا روي عن nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة أنه لو nindex.php?page=treesubj&link=1242سها عن القنوت فتذكره بعد الاعتدال لا يقنت ، ولو تذكر في الركوع فعنه روايتان : إحداهما لا يقنت ، والأخرى يعود إلى القيام فيقنت . والذي في فتاوى قاضي خان والصحيح أنه لا يقنت في الركوع ولا يعود إلى القيام ، فإن عاد إلى القيام وقنت ولم يعد الركوع لم تفسد صلاته لأن ركوعه قائم لم يرتفض . وفي الخلاصة بعدما ذكر في الروايتين قال في رواية : يعود ويقنت ولا يعيد الركوع وعليه السهو قنت أو لم يقنت ، وهذا يحقق خروج القومة عن المحلية بالكلية إلا إذا اقتدى بمن يقنت في الوتر بعد الركوع فإنه يتابعه اتفاقا ، أما لو nindex.php?page=treesubj&link=1242نسي السورة والقنوت فلا شك أنه يعود إذا تذكر في الركوع فيقرؤهما ويرتفض الركوع ، فلو لم يركع بطلت .
وأجمعوا على أن المسبوق بركعتين إذا قنت مع الإمام في الثالثة لا يقنت مرة أخرى . وعن أبي الفضل تسويته بالشاك وسيأتي في سجود السهو ، ولو سبقه الإمام فركع وهو لم يفرغ يتابعه ، ولو nindex.php?page=treesubj&link=1862ركع الإمام وترك القنوت ولم يقرأ المأموم منه شيئا إن خاف فوت الركوع يركع وإلا قنت ثم ركع . الخلافية الثانية له فيها ما رواه أبو داود أن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه جمع الناس على nindex.php?page=showalam&ids=34أبي بن كعب فكان يصلي بهم عشرين ليلة من الشهر : يعني رمضان ولا يقنت بهم إلا في النصف الثاني ، فإذا كان العشر الأواخر تخلف فصلى في بيته .
وللمتن طريق آخر ضعفها النووي في الخلاصة ، وما أخرج ابن عدي عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس { nindex.php?page=hadith&LINKID=82379كان صلى الله عليه وسلم يقنت في النصف من رمضان } إلخ ضعيف بأبي عاتكة ، وضعفه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي مع أن القنوت فيه وفيما قبله يحتمل كونه طول القيام ، فإنه يقال عليه تخصيصا للنصف الأخير بزيادة الاجتهاد ، فهذا المعنى يمنع تبادر المتنازع فيه بخصوصه ، ولنا ما ذكره في الكتاب من { قوله صلى الله عليه وسلم للحسن اجعله في وترك } وهو بهذا اللفظ غريب . والمعروف ما أخرجوه في السنن الأربعة [ ص: 430 ] عن بريد بن أبي مريم عن nindex.php?page=showalam&ids=11838أبي الجوزاء عن { nindex.php?page=hadith&LINKID=82381الحسن بن علي رضي الله عنهما قال علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات أقولهن في الوتر ، وفي لفظ في قنوت الوتر : اللهم اهدني فيمن هديت ، وعافني فيمن عافيت وتولني فيمن توليت ، وبارك لي فيما أعطيت ، وقني شر ما قضيت ، إنك تقضي ولا يقضى عليك ، وإنه لا يذل من واليت ، تباركت وتعاليت } حسنه الترمذي . ورواه nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي وزاد فيه بعد واليت { nindex.php?page=hadith&LINKID=42398ولا يعز من عاديت } وزاد nindex.php?page=showalam&ids=15395النسائي { nindex.php?page=hadith&LINKID=82382بعد وتعاليت وصلى الله على النبي } قال النووي : إسناده صحيح أو حسن ، ورواه nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم وقال فيه : إذا رفعت رأسي ولم يبق إلا السجود كما قدمناه .
وأخرج الأربعة أيضا وحسنه الترمذي عن nindex.php?page=showalam&ids=8علي رضي الله عنه { nindex.php?page=hadith&LINKID=107960أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول في آخر وتره : اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك ، وبمعافاتك من عقوبتك ، وأعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك ، أنت كما أثنيت على نفسك } ولا شك أن فيما قدمناه في الخلافية قبل هذه ما هو أنص على المواظبة على قنوت الوتر من هذا فارجع إليه تستغن عن هذا في هذا المطلوب . وإنما يحتاج إليه في إثبات وجوب القنوت وهو متوقف على ثبوت صيغة الأمر فيه : أعني قوله " اجعل هذا في وترك " والله أعلم به .
فلم يثبت لي ، ومنهم من حاول الاستدلال بالمواظبة المفادة من الأحاديث وهو متوقف على كونها غير مقرونة بالترك مرة ، لكن مطلق المواظبة أعم من المقرونة به أحيانا وغير المقرونة ، ولا دلالة للأعم على الأخص وإلا لوجبت هذه الكلمات عينا أو كانت أولى من غيرها ، لكن المتقرر عندهم ما أخرجه أبو داود في المراسيل عن nindex.php?page=showalam&ids=15790خالد بن أبي عمران قال { nindex.php?page=hadith&LINKID=16551بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو على مضر إذ جاءه جبريل ، فأومأ إليه أن اسكت فسكت ، فقال يا محمد إن الله لم يبعثك سبابا ولا لعانا ، وإنما بعثك رحمة للعالمين ، ليس لك من الأمر شيء ثم علمه القنوت : اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونؤمن بك ونخضع لك ونخلع ونترك من يكفرك اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعى ونحفد ، نرجو رحمتك ، ونخاف عذابك إن عذابك الجد بالكفار ملحق } وعن طائفة من المشايخ أنه لا يؤقت في دعاء القنوت لأنه حينئذ يجري على اللسان من غير صدق رغبة فلا يحصل به المقصود .
قال آخرون : ذلك في غير اللهم إنا نستعينك ، لأن الصحابة اتفقوا عليه ، ولو قرأ غيره جاز والأولى أن يقرأ بعده قنوت الحسن : اللهم اهدني فيمن هديت ، ولأنه ربما يجري على اللسان ما يشبه كلام الناس إذا لم يؤقت فتفسد الصلاة . ثم إذا شرع في دعاء القنوت قال : اللهم اهدني فيمن هديت ، لم يذكر nindex.php?page=treesubj&link=1245_1857رفع اليدين فيه ، والذي في ترجمة nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف ، قال أحمد بن أبي عمران الفقيه : حدثني فرج مولى أبي يوسف قال : رأيت مولاي nindex.php?page=showalam&ids=14954أبا يوسف إذا دخل في القنوت للوتر رفع يديه في الدعاء ، قال nindex.php?page=showalam&ids=12518ابن أبي عمران : كان فرج ثقة انتهى .
ووجهه عموم دليل الرفع للدعاء . ويجاب بأنه مخصوص بما ليس في الصلاة للإجماع على أنه لا رفع في دعاء التشهد ، ومن لا يحسن القنوت يقول : { nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=201ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار } وقال nindex.php?page=showalam&ids=11903أبو الليث يقول اللهم اغفر لي ويكرر ثلاثا انتهى . وحديث { nindex.php?page=hadith&LINKID=63928لا ترفع الأيدي إلا في سبع مواطن } تقدم الكلام عليه في صفة الصلاة .