قال : ( ولا تجوز إلا محوزة مقسومة ، وهبة المشاع فيما لا يقسم جائزة ) وقال الهبة فيما يقسم : تجوز في الوجهين ; لأنه عقد تمليك فيصح في المشاع وغيره كالبيع بأنواعه ، [ ص: 28 ] وهذا ; لأن المشاع قابل لحكمه ، وهو الملك فيكون محلا له ، وكونه تبرعا لا يبطله الشيوع كالقرض والوصية . ولنا أن القبض منصوص عليه في الهبة فيشترط كماله والمشاع لا يقبله إلا بضم غيره إليه ، وذلك غير موهوب ، [ ص: 29 ] ولأن في تجويزه إلزامه شيئا لم يلتزمه وهو مؤنة القسمة ، ولهذا امتنع جوازه قبل القبض لئلا يلزمه التسليم ، بخلاف ما لا يقسم ; لأن القبض القاصر هو الممكن فيكتفى به ; ولأنه لا تلزمه مؤنة القسمة . [ ص: 30 ] والمهايأة تلزمه فيما لم يتبرع به وهو المنفعة ، والهبة لاقت العين ، والوصية ليس من شرطها القبض ، وكذا البيع الصحيح ، وأما البيع الفاسد والصرف والسلم فالقبض فيها غير منصوص عليه ، ولأنها عقود ضمان فتناسب لزوم مؤنة القسمة ، والقرض تبرع من وجه وعقد ضمان من وجه ، فشرطنا القبض القاصر فيه دون القسمة عملا بالشبهين ، على أن القبض غير منصوص عليه فيه . [ ص: 31 ] ولو وهب من شريكه لا يجوز ; لأن الحكم يدار على نفس الشيوع . الشافعي
قال ( ومن فالهبة فاسدة ) لما ذكرنا ( فإن قسمه وسلمه جاز ) ; لأن تمامه بالقبض وعنده لا شيوع . قال : ( ولو وهب شقصا مشاعا فالهبة فاسدة ، فإن طحن وسلم لم يجز ) وكذا السمن في اللبن ; لأن الموهوب معدوم ، ولهذا لو استخرجه الغاصب يملكه ، والمعدوم ليس بمحل للملك فوقع العقد باطلا ، فلا ينعقد إلا بالتجديد ، بخلاف ما تقدم ; لأن المشاع محل للتمليك ، [ ص: 32 ] وهبة اللبن في الضرع والصوف على ظهر الغنم والزرع والنخل في الأرض والتمر في النخيل بمنزلة المشاع ; لأن امتناع الجواز للاتصال وذلك يمنع القبض كالشائع . وهب دقيقا في حنطة أو دهنا في سمسم