قال ( وإن فهو جائز والرهن رهن بكل الدين ، وللمرتهن أن يمسكه حتى يستوفي جميع الدين ) ; لأن قبض الرهن يحصل في الكل من غير شيوع ( فإن رهن رجلان بدين عليهما رجلا رهنا واحدا فهو باطل ) ; لأن كل واحد منهما أثبت ببينته أنه رهنه كل العبد ، ولا وجه إلى القضاء لكل واحد منهما بالكل ; لأن العبد الواحد يستحيل أن يكون كله رهنا لهذا وكله رهنا لذلك في حالة واحدة ، ولا إلى القضاء بكله لواحد بعينه لعدم الأولوية ، ولا إلى القضاء لكل واحد منهما بالنصف ; لأنه يؤدي إلى الشيوع فتعذر العمل بهما وتعين التهاتر أقام الرجلان كل واحد منهما البينة على رجل أنه رهنه عبده الذي في يده وقبضه
ولا يقال : إنه يكون رهنا لهما كأنهما ارتهناه معا إذا جهل التاريخ بينهما ، وجعل في كتاب الشهادات هذا وجه الاستحسان لأنا نقول : هذا عمل على خلاف ما اقتضته الحجة ; لأن كلا منهما أثبت ببينته حبسا يكون وسيلة إلى مثله في الاستيفاء ، وبهذا القضاء يثبت حبس يكون وسيلة إلى شطره [ ص: 173 ] في الاستيفاء ، وليس هذا عملا على وفق الحجة ، وما ذكرناه وإن كان قياسا لكن أخذ به لقوته ، وإذا وقع باطلا فلو هلك يهلك أمانة ; لأن الباطل لا حكم له محمدا
قال ( ولو كان في يد كل واحد منهما نصفه رهنا يبيعه بحقه استحسانا ) وهو قول مات الراهن والعبد في أيديهما فأقام كل واحد منهما البينة على ما وصفناه أبي حنيفة ، وفي القياس : هذا باطل ، وهو قول ومحمد ; لأن الحبس للاستيفاء حكم أصلي لعقد الرهن فيكون القضاء به قضاء بعقد الرهن وأنه باطل للشيوع كما في حالة الحياة أبي يوسف
وجه الاستحسان أن العقد لا يراد لذاته ، وإنما يراد لحكمه ، وحكمه في حالة الحياة الحبس والشيوع يضره ، وبعد الممات الاستيفاء بالبيع في الدين والشيوع لا يضره ، وصار كإذا ادعى الرجلان نكاح امرأة أو ادعت أختان النكاح على رجل وأقاموا البينة تهاترت في حالة الحياة ويقضى بالميراث بينهم بعد الممات ; لأنه يقبل الانقسام ، والله أعلم .