( باب جناية المملوك والجناية عليه ) قال ( وإذا [ ص: 338 ] قيل لمولاه : إما أن تدفعه بها أو تفديه ) وقال جنى العبد جناية خطإ : جنايته في رقبته يباع فيها إلا أن يقضي المولى الأرش ، وفائدة الاختلاف في اتباع الجاني بعد العتق . والمسألة مختلفة بين الصحابة رضوان الله عليهم . له أن الأصل في موجب الجناية أن يجب على المتلف لأنه هو الجاني ، إلا أن العاقلة تتحمل عنه ، ولا عاقلة للعبد لأن العقل عندي بالقرابة ولا قرابة بين العبد ومولاه فتجب في ذمته كما في الدين . ويتعلق برقبته يباع فيه كما في الجناية [ ص: 339 ] على المال . الشافعي
ولنا أن الأصل في الجناية على الآدمي حالة الخطإ أن تتباعد عن الجاني تحرزا عن استئصاله والإجحاف به ، إذ هو معذور فيه حيث لم يتعمد الجناية ، وتجب على عاقلة الجاني إذا كان له عاقلة ، [ ص: 340 ] والمولى عاقلته لأن العبد يستنصر به ، والأصل في العاقلة عندنا النصرة حتى تجب على أهل الديوان . بخلاف الذمي لأنهم لا يتعاقلون فيما بينهم فلا عاقلة فتجب في ذمته صيانة للدم عن الهدر ، وبخلاف الجناية على المال ; لأن العواقل لا تعقل المال ، إلا أنه يخير بين الدفع والفداء لأنه واحد ، وفي إثبات الخيرة نوع تخفيف في حقه كي لا يستأصل ، غير أن الواجب الأصلي هو الدفع في الصحيح ، ولهذا يسقط الموجب بموت العبد لفوات محل الواجب وإن كان له حق النقل إلى الفداء كما في مال الزكاة ، بخلاف موت الجاني الحر لأن الواجب لا يتعلق بالحر استيفاء فصار كالعبد في صدقة الفطر . قال ( فإن دفعه ملكه ولي الجناية وإن فداه فداه بأرشها وكل ذلك يلزم حالا ) أما الدفع فلأن التأجيل في الأعيان باطل وعند اختياره الواجب عين .
[ ص: 341 ] وأما الفداء فلأنه جعل بدلا عن العبد في الشرع وإن كان مقدرا بالمتلف ولهذا سمي فداء فيقوم مقامه ويأخذ حكمه فلهذا وجب حالا كالمبدل ( وأيهما اختاره وفعله لا شيء لولي الجناية غيره ) أما الدفع فلأن حقه متعلق به ، فإذا خلى بينه وبين الرقبة سقط . وأما الفداء فلأنه لا حق له إلا الأرش ، فإذا أوفاه حقه سلم العبد له ، [ ص: 342 ] فإن لم يختر شيئا حتى مات العبد بطل حق المجني عليه لفوات محل حقه على ما بيناه ، وإن مات بعدما اختار الفداء لم يبرأ لتحول الحق من رقبة العبد إلى ذمة المولى .