[ ص: 61 ] الباب الرابع
في ذكر معنى اللحن وأقسامه
وفيه فصلان
الفصل الأول: في بيان
nindex.php?page=treesubj&link=28949_29584معنى اللحن في موضوع اللغة
اعلم أن اللحن يستعمل في اللغة على معان.
يستعمل بمعنى اللغة، ومن ذلك: لحن الرجل بلحنه: إذا تكلم بلغته. ولحنت أنا له، ألحن: إذا قلت له ما يفهمه عني ويخفى على غيره، وقد لحنه عني يلحنه لحنا: إذا فهمه، وألحنته أنا إياه إلحانا.
واللحن: الفطنة، ويقال منه: رجل لحن أي فطن، ولحن يلحن: إذا صرف الكلام عن وجهه. ويقال منه: عرفت ذلك في لحن قوله: أي فيما دل عليه كلامه، ومنه قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=30 {ولتعرفنهم في لحن القول} [محمد: 30]، والله أعلم أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعد نزول هذه الآية كان يعرف المنافقين إذا سمع كلامهم، يستدل على أحدهم بما ظهر له من لحنه، أي من ميله في كلامه. ومنه
[ ص: 62 ] قوله عليه الصلاة والسلام:
nindex.php?page=hadith&LINKID=652483 "لعل بعضكم ألحن في حجته من بعض" ، أي: أفطن لها وأشد انتزاعا.
واللحن: الضرب من الأصوات الموضوعة، وهو مضاهاة التطريب، كأنه لاحن ذلك بصوته، أي شبهه به، ويقال منه: لحن في قراءته، إذا أطرب فيها وقرأ بألحان.
واللحن: الخطأ ومخالفة الصواب، وبه سمي الذي يأتي بالقراءة على ضد الإعراب لحانا، وسمي فعله اللحن، لأنه كالمائل في كلامه عن جهة الصواب، والعادل عن قصد الاستقامة. قال الشاعر:
فزت بقدحي معرب لم يلحن
وهذا المعنى الذي قصدت الإبانة عنه.
[ ص: 61 ] اَلْبَابُ اَلرَّابِعُ
فِي ذِكْرِ مَعْنَى اَللَّحْنِ وَأَقْسَامِهِ
وَفِيهِ فَصْلَانِ
اَلْفَصْلُ اَلْأَوَّلُ: فِي بَيَانِ
nindex.php?page=treesubj&link=28949_29584مَعْنَى اَللَّحْنِ فِي مَوْضُوعِ اَللُّغَةِ
اِعْلَمْ أَنَّ اَللَّحْنَ يُسْتَعْمَلُ فِي اَللُّغَةِ عَلَى مَعَانٍ.
يُسْتَعْمَلُ بِمَعْنَى اَللُّغَةِ، وَمِنْ ذَلِكَ: لَحَنَ اَلرَّجُلُ بِلَحْنِهِ: إِذَا تَكَلَّمَ بِلُغَتِهِ. وَلَحَنْتُ أَنَا لَهُ، أَلْحَنُ: إِذَا قُلْتُ لَهُ مَا يَفْهَمُهُ عَنِّي وَيَخْفَى عَلَى غَيْرِهِ، وَقَدْ لَحِنَهُ عَنِّي يَلْحَنُهُ لَحْنًا: إِذَا فَهِمَهُ، وَأَلْحَنْتُهُ أَنَا إِيَّاهُ إِلْحَانًا.
وَاللَّحْنُ: اَلْفِطْنَةُ، وَيُقَالُ مِنْهُ: رَجُلٌ لَحِنٌ أَيْ فَطِنٌ، وَلَحَنَ يَلْحَنُ: إِذَا صَرَفَ اَلْكَلَامَ عَنْ وَجْهِهِ. وَيُقَالُ مِنْهُ: عَرَفْتُ ذَلِكَ فِي لَحْنِ قَوْلِهِ: أَيْ فِيمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=30 {وَلِتَعْرِفْنَهُمْ فِي لَحْنِ اَلْقَوْل} [مُحَمَّدٍ: 30]، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ -صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعْدَ نُزُولِ هَذِهِ اَلْآيَةِ كَانَ يَعْرِفُ اَلْمُنَافِقِينَ إِذَا سَمِعَ كَلَامَهُمْ، يَسْتَدِلُّ عَلَى أَحَدِهِمْ بِمَا ظَهَرَ لَهُ مِنْ لَحْنِهِ، أَيْ مِنْ مَيْلِهِ فِي كَلَامِهِ. وَمِنْهُ
[ ص: 62 ] قَوْلُهُ عَلَيْهِ اَلصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=652483 "لَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَلْحَنُ فِي حُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ" ، أَيْ: أَفْطَنُ لَهَا وَأَشَدُّ اِنْتِزَاعًا.
وَاللَّحْنُ: اَلضَّرْبُ مِنَ اَلْأَصْوَاتِ اَلْمَوْضُوعَةِ، وَهُوَ مُضَاهَاةُ اَلتَّطْرِيبِ، كَأَنَّهُ لَاحَنَ ذَلِكَ بِصَوْتِهِ، أَيْ شَبَّهَهُ بِهِ، وَيُقَالُ مِنْهُ: لَحَنَ فِي قِرَاءَتِهِ، إِذَا أَطْرَبَ فِيهَا وَقَرَأَ بِأَلْحَانٍ.
وَاللَّحْنُ: اَلْخَطَأُ وَمُخَالَفَةُ اَلصَّوَابِ، وَبِهِ سُمِّيَ اَلَّذِي يَأْتِي بِالْقِرَاءَةِ عَلَى ضِدِّ اَلْإِعْرَابِ لَحَّانًا، وَسُمِّيَ فِعْلُهُ اَللَّحْنَ، لِأَنَّهُ كَالْمَائِلِ فِي كَلَامِهِ عَنْ جِهَةِ اَلصَّوَابِ، وَالْعَادِلِ عَنْ قَصْدِ اَلِاسْتِقَامَةِ. قَالَ اَلشَّاعِرُ:
فُزْتُ بِقِدْحَيْ مُعْرِبٍ لَمْ يَلْحَنِ
وَهَذَا اَلْمَعْنَى اَلَّذِي قَصَدْتُ اَلْإِبَانَةَ عَنْهُ.