وإذ قال إبراهيم رب [ 126 ]
نداء مضاف . ( اجعل هذا ) سؤال ولفظه الأمر إلا أنه استعظم أن يقال له أمر . وارزق أهله من الثمرات مفعول من آمن بدل من " أهل " وهذا بدل البعض من الكل قال ومن كفر " من " في موضع نصب ، والتقدير : وارزق من كفر . ودل على الفعل المحذوف " فأمتعه " ، ويجوز أن تكون " من " للشرط ، وتكون في موضع نصب ، ويضمر الفعل بعدها . ويجوز أن تكون في موضع رفع بالابتداء ، والخبر " فأمتعه " .
وفي قراءة أبي : ( فنمتعه قليلا ثم نضطره ) ، وفي قراءة : ( فإمتعه قليلا ثم إضطره ) بكسر الهمزة ورفع الفعل على لغة من قال : أنت [ ص: 261 ] تضرب ، وروي عن يحيى بن وثاب ابن محيصن : أنه كان يدغم الضاد في الطاء . قال : وذا لا يجوز ؛ لأن في الضاد تفشيا فلا تدغم في شيء ، ولكن يجوز أن تدغم الطاء فيها ، كما قالوا : " اضجع " ، و " فمن اضر " . وحدثنا أبو جعفر أحمد بن شعيب بن علي قال : أخبرني عمران بن بكار قال : حدثنا إبراهيم بن العلاء الزبيدي قال : حدثنا شعيب بن إسحاق ، عن هارون ، عن حنظلة ، عن الحارث بن أبي ربيعة قال : ( ومن كفر فأمتعه قليلا ثم اضطره ) . قال : وهذا على السؤال والطلب ، والأصل : اضطرره ثم أدغم ففتح لالتقاء الساكنين لخفة الفتحة ، ويجوز الكسر . قال أبو جعفر : وهذه القراءة شاذة ، ونسق الكلام والتفسير جميعا يدلان على غيرها ، أما نسق الكلام ؛ فإن الله - جل وعز - خبر عن أبو جعفر إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : رب اجعل هذا بلدا آمنا ثم جاء بقوله ولم يفصل بينه بقال ، ثم قال فكان هذا جوابا من الله - جل وعز - ، ولم يقل بعد : قال إبراهيم
وأما التفسير ؛ فقد صح عن ، ابن عباس ، وسعيد بن جبير ، ومجاهد - وهذا لفظ ومحمد بن كعب - : " دعا ابن عباس إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - لمن آمن دون الناس خاصة ، فأعلم الله - جل وعز - أنه يرزق من كفر كما يرزق من آمن ، وأنه يمتعه قليلا ، ثم يضطره إلى عذاب النار " .
قال : وقال الله - جل وعز - : أبو جعفر كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وقال : وأمم سنمتعهم وقال : إنما علم أبو إسحاق إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - أن في ذريته كفارا ، فخص المؤمنين ؛ لأن الله - جل وعز - قال له : لا ينال عهدي الظالمين