ومن [ 130 ]
[ ص: 263 ] ابتداء ، وهو اسم تام في الاستفهام والمجازاة يرغب فعل مستقبل في موضع الخبر ، وهو تقرير وتوبيخ وقع فيه معنى النفي ، أي ما يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه وقول : إن " نفسه " مثل : ضقت به ذرعا ؛ محال عند البصريين لأنه جعل المعرفة منصوبة على التمييز . قال الفراء - وذكر الحال وأنها مثل التمييز - : وهذا لا يكون إلا نكرة ، يعني ما كان منصوبا على الحال ، كما أن ذلك لا يكون إلا نكرة يعني التمييز . قال سيبويه : فإن جئت بمعرفة زال معنى التمييز لأنك لا تبين بها ما كان من جنسها . قال أبو جعفر : ومثله بطرت معيشتها . ولا يجوز عنده : " نفسه سفه زيد " ، ولا : " معيشتها بطرت القرية " . وقال الفراء ، وهو أحد قولي الكسائي : المعنى إلا من سفه في نفسه . ويجيزان التقديم . قال الأخفش : ومثله الأخفش عقدة النكاح أي على عقدة النكاح . قال : وقد تقصيناه في الكتاب الذي قبل هذا . أبو جعفر
وإنه في الآخرة لمن الصالحين يقال : كيف جاز تقديم في الآخرة وهو داخل في الصلة ؟ فالجواب أنه ليس التقدير " وإنه لمن الصالحين في الآخرة " فتكون الصلة قد تقدمت ، ولأهل العربية فيه ثلاثة أقوال ، منها : أن يكون المعنى : " وإنه صالح في الآخرة " ثم حذف . وقيل " في الآخرة " متعلق بمصدر محذوف أي صلاحه في الآخرة . والقول الثالث : إن الصالحين ليس بمعنى الذين صلحوا ، ولكنه اسم قائم بنفسه ، كما يقال : الرجل والغلام .
الأصل في اصطفيناه اصتفيناه أبدل من التاء طاء لأن [ ص: 264 ] الطاء مطبقة كالصاد وهي من مخرج التاء ، ولم يجز أن تدغم الصاد لأنها لا تدغم إلا في أختيها الزاي والسين لما فيهن من الصفير ، ولكن يجوز أن تدغم التاء فيها في غير القرآن ، فتقول : اصفيناه قبل .