أياما معدودات [ 184 ]
قال : " أياما " نصب بالصيام ، أي كتب عليكم أن تصوموا أياما معدودات . وقال الأخفش : هي نصب بكتب ؛ لأن فعل ما لم يسم فاعله إذا رفعت بعده اسما نصبت الآخر . وفي الآية شيء لطيف غامض من النحو : يقال : لا يجيز النحويون : " هذا صارف ظريف زيدا " ، وكيف يجوز أن تنصب " أياما " بالصيام إذا كانت الكاف نعتا للصيام ؟ فالجواب أنك إذا جعلت أياما مفعولة لم يجز هذا ، وإن جعلتها ظرفا جاز لأن الظروف تعمل فيها المعاني . وزعم أحمد بن يحيى أن ذلك لا يجوز البتة ، وإن جعلت الكاف في موضع نصب بكتب لم يجز لأنك تفرق بين الصيام وبين ما [ ص: 285 ] عمل فيه بما لم يعمل فيه وإن جعلت الكاف في موضع نصب بالصيام ونصبت أياما بالصيام فلا اختلاف فيه إنه جيد بالغ . الفراء
معدودات نعت لأيام ، إلا أن التاء كسرت عند البصريين لأنه جمع مسلم ، وعند الكوفيين لأنها غير أصلية . فمن كان منكم مريضا شرط بمن أي فمن كان منكم مريضا في هذه الأيام فعدة رفع بالابتداء ، والخبر " عليه " حذفت . قال : ويجوز : فعدة ؛ أي فليصم عدة الكسائي من أيام أخر لم تنصرف أخر عند لأنها معدولة عن الألف واللام لأن سبيل فعل من هذا الباب أن يأتي بالألف واللام نحو الكبر والفضل . قال سيبويه : هي معدولة أخر كما تقول : حمراء وحمر ، فلذلك لم تنصرف . وقيل : منعت من الصرف لأنها على وزن جمع . ويقال : إنما يقال : يوم آخر ، ولا يقال : أخرى ، وأخر إنما هي جمع أخرى ؛ ففي هذا جوابان : أحدهما أن نعت الأيام يكون مؤنثا فلذلك نعتت بأخر . والجواب الآخر : أن يكون أخر جمع أخرى كأنه " أيام أخرى " ثم كثرت فقيل : " أيام أخر " . الكسائي
وعلى الذين يطيقونه والأصل يطوقونه ، وقد قرئ به فقلبت حركة الواو على الطاء فانقلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها . وقرأ : ( يطوقونه ) فصحت الواو لأنه ليس قبلها كسرة . ويقرأ : ( يطوقونه ) والأصل ( يتطوقونه ) ثم أدغمت التاء في الطاء . والقراءة المجمع عليها : ( يطيقونه ) وأصح ما فيها أن الآية منسوخة كما [ ص: 286 ] ذكرناه . فأما " يطيقونه " ، و " تطيقونه " فلا يجوز لأن الواو لا تقلب ياء إلا لعلة . ( فدية طعام مساكين ) هذه قراءة أهل ابن عباس المدينة ، ، رواها عنه وابن عامر عبيد الله ، عن . وقرأ نافع ، أبو عمرو ، والكسائي : ( وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين ) وهذا اختيار وحمزة وزعم أنه اختاره لأن معناه لكل يوم إطعام واحد منهم فالواحد مترجم عن الجميع وليس الجميع بمترجم عن الواحد . قال أبي عبيد : وهذا مردود من كلام أبو جعفر لأن هذا إنما يعرف بالدلالة فقد علم أن معنى " وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مساكين " أن لكل يوم مسكينا ، فالاختيار هذه القراءة ليرد جمعا على جمع . واختار أبي عبيد أن يقرأ : " فدية طعام مسكين " قال : لأن الطعام هو الفدية . قال أبو عبيد : لا يجوز أن يكون الطعام نعتا لأنه جوهر ، ولكنه يجوز على البدل ، وأبين منه أن يقرأ : ( فدية طعام ) بالإضافة لأن " فدية " مبهمة تقع للطعام وغيره فصار مثل قولك : هذا ثوب خز . أبو جعفر فمن تطوع خيرا فهو خير له شرط ، وجوابه : وأن تصوموا خير لكم ابتداء وخبر أي فالصوم خير لكم .