ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة [55]
وليس في هذا رد لعذاب القبر إذ كان قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم من غير طريق أنه [ ص: 279 ] تعوذ منه، وأمر أن يتعوذ منه، من ذلك ما رواه قال: عبد الله بن مسعود تقول: اللهم أمتعني بزوجي رسول الله صلى الله عليه وسلم وبأبي أم حبيبة أبي سفيان وبأخي معاوية. فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: "سألت الله في آجال مضروبة وأرزاق مقسومة ولكن سليه أن يعيذك من عذاب جهنم أو عذاب القبر". في أحاديث مشهورة وفي معنى ما لبثوا غير ساعة قولان: أولهما أنه يريد لا بد من خمدة قبل يوم القيامة ولحق الفناء الذي كتب على الخلق من رحم ومن عذب فعلى هذا قالوا: ما لبثنا غير ساعة لأنهم لم يعملوا مقدار ذلك، والقول الآخر أنهم يعنون في الدنيا لزوالها وانقطاعها وإن كانوا قد أقسموا على غيب وعلى غير ما يدرون قال الله جل وعز: سمع صلى الله عليه وسلم كذلك كانوا يؤفكون أي كذلك كانوا يكذبون في الدنيا، وقد زعم جماعة من أهل النظر أن القيامة لا يجوز أن يكون فيها كذب لما هم فيه، والقرآن يدل على غير ذلك. قال الله جل وعز: "كذلك كانوا يؤفكون" وقال جل ثناؤه: {يوم يبعثهم الله جميعا فيحلفون له كما يحلفون لكم ويحسبون أنهم على شيء ألا إنهم هم الكاذبون} ورد عليهم المؤمنون فقالوا: لقد لبثتم في كتاب الله إلى يوم البعث [56]
قال : أي في اللوح المحفوظ وحكى أبو إسحاق يعقوب عن بعض القراء "إلى يوم البعث" فهذا ما فيه حرف من حروف الحلق.