خفض على القسم ( إنه لحق ) أي إن قولنا ( وفي السماء رزقكم وما توعدون ) ( لحق مثل ما أنكم تنطقون ) برفع "مثل" قراءة الكوفيين وابن أبي إسحاق على النعت لحق ، وقرأ المدنيون ( مثل ما) بالنصب . وفي نصبه أقوال أصحها ما قال وأبو عمرو أنه مبني لما أضيف إلى غير متمكن فبني ونظيره ( سيبويه ومن خزي يومئذ ) وقال : "مثل ما" منصوب على القطع ، وقال بعض البصريين هو منصوب على أنه حال من نكرة ، وأجاز الكسائي أن يكون التقدير حقا مثل ما ، وأجاز أن يكون "مثل" منصوبة بمعنى كمثل ثم حذف الكاف ونصب ، وأجاز : زيد مثلك ، ومثل من أنت؟ ينصب مثل على المعنى على معنى كمثل فألزم على هذا أن يقول : عبد الله الأسد شدة ، بمعنى كالأسد فامتنع منه ، وزعم أنه إنما أجازه في مثل؛ لأن الكاف تقوم مقامها ، وأنشد : الفراء
[ ص: 242 ]
وزعت بكالهراوة أعوجي إذا ونت الركاب جرى وثابا
قال : وهذه أقوال مختلفة إلا قول أبو جعفر . وفي الآية سؤال أيضا وهو أن يقال : جمع ما بين "ما" و "أن" ومعناهما واحد . قال سيبويه : ففي هذا جوابان للنحويين الكوفيين أحدهما أنه لما اختلف اللفظان جاز ذلك كما قال : أبو جعفر
فما إن طبنا جبن ولكن منايانا ودولة آخرينا
فجمع ما بين "ما" و"إن" ومعناهما واحد . قال الله جل وعز ( بل إن يعد الظالمون ) بمعنى ما يعد الظالمون . والجواب الآخر أن زيادة "ما" تفيد معنى؛ لأنه لو لم تدخل "ما" كان المعنى أنه لحق لا كذب فإذا جئت بما صار المعنى أنه لحق ، مثل ما إن الآدمي ناطق ، كما تقول : الحق نطقك ، بمعنى أحق أم كذب؟ وتقول : أحق إنك تنطق؟ فتفيد معنى آخر .