قال : فسألت أبو جعفر عنها فقال: سمعت أبا إسحاق يقول: المعنى لابثين فيها أحقابا هذه صفتها، أي يعذبون بهذا العذاب في هذه الأحقاب، لا يذوقون فيها إلا الحميم والغساق، ويعذبون بعد هذا العذاب بأصناف من العذاب غير هذا، وهذا جواب نظري بين، وهو قول أبا العباس محمد بن يزيد ابن كيسان ، يكون ( لا يذوقون ) من نعت الأحقاب، واختلف العلماء في قوله جل وعز ( لا يذوقون فيها بردا ) فقيل: أي لا يذوقون فيها بردا يبرد عنهم السعير، وقيل: نوما كما قال:
528 - بردت مراشفها علي فصدني عنها وعن قبلاتها البرد
أي النوم والنعاس، وقد يكون البرد الهدء والثبات، كما قال الشاعر:
529 - اليوم يوم بارد سمومه
وقد يكون البرد ما ليس فيه شدة، كما روي: « » وهي التي ليس فيها حر السلاح، ويقال: بردت حره كما قال: الصوم في الشتاء الغنيمة الباردة
[ ص: 132 ]
530 - وعطل قلوصي في الركاب فإنها ستبرد أكبادا وتبكي بواكيا
وأصح هذه الأقوال القول الأول؛ لأن البرد ليس باسم من أسماء النوم، وإنما يحتال فيه فيقال للنوم برد؛ لأنه يهدئ العطش. والواجب أن يحمل تفسير كتاب الله جل وعز على الظاهر والمعروف من المعاني إلا أن يقع دليل على غير ذلك.