نصب على الحال، ولم ينصرف؛ لأن مؤنثه غضبى، وحقيقة امتناع صرفه أن الألف والنون فيه بمنزلة ألفي التأنيث في قولك: (حمراء) فالنون بدل كما يقال في صنعاء صنعاني أعجلتم أمر ربكم قال يعقوب: يقال: عجلت الشيء سقته، وأعجلت الرجل استعجلته وأخذ برأس أخيه يجره إليه أخذ برأسه وأخذ رأسه واحد، وكذا: وامسحوا برءوسكم وقيل: إنما أخذ برأسه على جهة المسارة لا غير، فكره هارون - صلى الله عليه وسلم - أن يتوهم من حضر لأن الأمر على خلاف ذلك، فقال: ابن أم على الاستعطاف له؛ لأنه أخوه لأمه، وهذا موجود في كلام العرب، كما قال:
[ ص: 152 ]
160- يا ابن أمي ويا شقيق نفسي
وقرأ أهل المدينة (ابن أم إن القوم) وقرأ أهل وأبو عمرو الكوفة (ابن أم إن القوم) قال الكسائي والفراء : (يا ابن أم) تقديره: يا ابن أماه. وقال البصريون: هذا القول خطأ؛ لأن الألف خفيفة لا تحذف، ولكن جعل الاسمان اسما واحدا فصار كقولك: خمسة عشر أقبلوا. وأبو عبيد
وقال الأخفش وأبو حاتم : (يا ابن أم) كما يقول: يا غلام غلام أقبل.
قال : يا غلام غلام لغة شاذة؛ لأن الثاني ليس بمنادى، فلا ينبغي أن تحذف منه الياء، فالقراءة بكسر الميم على هذا القول بعيدة، ولكن لها وجه حسن جيد، يكون بمنزلة قولك: (يا خمسة عشر أقبلوا) لما جعل الاسمين اسما واحدا أضاف أبو جعفر إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني بنونين؛ لأنه فعل مستقبل، ويجوز الإدغام في غير القرآن.
قرأ مجاهد : (فلا تشمت بي الأعداء) بالتاء على تأنيث الجماعة، ويجوز كسرها، ويجوز التذكير على الجميع. ومالك بن دينار
وفيه شيء لطيف: يقال: كيف نهى الأعداء عن الشماتة؟
فالجواب أن هذا مثل قوله - جل وعز -: فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون
[ ص: 153 ] أي اثبتوا على الإسلام حتى يأتيكم الموت، وكما قالت العرب: لا أرينك ههنا، والمعنى: لا تفعل بي ما تشمت من أجله الأعداء.
قال : وحكيت عن أبو عبيد حميد (فلا تشمت) بكسر الميم. قال : ولا وجه لهذه القراءة؛ لأنه إن كان من شمت وجب أن يقول: (تشمت) وإن كان من أشمت وجب أن يقول (تشمت). أبو جعفر