وقوله - عز وجل -:
nindex.php?page=treesubj&link=28908_28723_29687nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=107ألم تعلم أن الله له ملك السماوات والأرض ؛ لفظ " ألم " ؛ ههنا؛ لفظ استفهام؛ ومعناه التوقيف؛ وجزم " ألم " ؛ ههنا؛ كجزم " لم " ؛ لأن حرف الاستفهام لا يغير العامل عن عمله؛ ومعنى " الملك " ؛ في اللغة: تمام القدرة؛ واستحكامها؛ فما كان مما يقال فيه: " ملك " ؛ سمي " الملك " ؛ وما نالته القدرة مما يقال فيه: "
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك " ؛ فهو " ملك " ؛ تقول: " ملكت الشيء؛ أملكه؛ ملكا " ؛ وكقوله (تعالى):
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=102على ملك سليمان ؛ أي: في سلطانه؛ وقدرته؛ وأصل هذا من قولهم: " ملكت العجين؛ أملكه " ؛ إذا بالغت في عجنه؛ ومن هذا قيل في التزويج: " شهدنا إملاك فلان " ؛ أي: شهدنا عقد أمر نكاحه؛ وتشديده؛ ومعنى الآية: إن الله يملك السماوات والأرض ومن فيهن؛ فهو أعلم بوجه الصلاح فيما يتعبدهم به من ناسخ؛ ومنسوخ؛ ومتروك؛ وغيره. وقوله - عز وجل -:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=107وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير ؛ هذا خطاب للمسلمين؛ يخبرون فيه أن من خالفهم فهو عليهم؛ وأن الله - جل وعز - ناصرهم؛ والفائدة فيه أنه بنصره إياهم يغلبون من سواهم.
[ ص: 192 ] وقوله - عز وجل -:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=108أم تريدون أن تسألوا رسولكم كما سئل موسى من قبل ؛ أجود القراءة بتحقيق الهمزة؛ ويجوز جعلها بين بين؛ يكون بين الهمزة والياء فيلفظ بها: " سيل " ؛ وهذا إنما تحكمه المشافهة؛ لأن الكتاب فيه غير فاصل بين المتحقق والملين؛ وما جعل ياء خالصة؛ ويجوز: " كما سيل موسى من قبل " ؛ من قولك: " سلت؛ أسال " ؛ في معنى " سئلت؛ أسأل " ؛ وهي لغة للعرب حجاها جميع النحويين؛ ولكن القراءة على الوجهين اللذين شرحناهما قبل هذا الوجه من تحقيق الهمزة؛ وتليينها؛ ومعنى " أم " ؛ ههنا؛ وفي كل مكان لا تقع فيه عطفا على ألف الاستفهام - إلا أنها لا تكون مبتدأة - أنها تؤذن بمعنى " بل " ؛ ومعنى ألف الاستفهام؛ المعنى: " بل أتريدون أن تسألوا رسولكم كما سئل موسى من قبل " ؛ فمعنى الآية أنهم نهوا أن يسألوا النبي - صلى الله عليه وسلم - ما لا خير لهم في السؤال عنه؛ وما يكفرهم؛ وإنما خوطبوا بهذا بعد وضوح البراهين لهم؛ وإقامتها على مخالفتهم؛ وقد شرحنا ذلك في قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=94فتمنوا الموت ؛ وما أشبه ذلك مما تقدم شرحه؛ فأعلم المسلمون أن السؤال بعد قيام البراهين كفر؛ كما قال - عز وجل -:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=101يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم [ ص: 193 ] وقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=108ومن يتبدل الكفر بالإيمان فقد ضل سواء السبيل ؛ أي: من يسأل عما لا يعنيه النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد وضوح الحق؛ فقد ضل سواء السبيل؛ أي: قصد السبيل.
وَقَوْلُهُ - عَزَّ وَجَلَّ -:
nindex.php?page=treesubj&link=28908_28723_29687nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=107أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ؛ لَفْظُ " أَلَمْ " ؛ هَهُنَا؛ لَفْظُ اسْتِفْهَامٍ؛ وَمَعْنَاهُ التَّوْقِيفُ؛ وَجَزْمُ " أَلَمْ " ؛ هَهُنَا؛ كَجَزْمِ " لَمْ " ؛ لِأَنَّ حَرْفَ الِاسْتِفْهَامِ لَا يُغَيِّرُ الْعَامِلَ عَنْ عَمَلِهِ؛ وَمَعْنَى " اَلْمُلْكُ " ؛ فِي اللُّغَةِ: تَمَامُ الْقُدْرَةِ؛ وَاسْتِحْكَامُهَا؛ فَمَا كَانَ مِمَّا يُقَالُ فِيهِ: " مَلِكٌ " ؛ سُمِّيَ " اَلْمُلْكَ " ؛ وَمَا نَالَتْهُ الْقُدْرَةُ مِمَّا يُقَالُ فِيهِ: "
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٌ " ؛ فَهُوَ " مِلْكٌ " ؛ تَقُولُ: " مَلَكْتُ الشَّيْءَ؛ أَمْلِكُهُ؛ مِلْكًا " ؛ وَكَقَوْلِهِ (تَعَالَى):
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=102عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ ؛ أَيْ: فِي سُلْطَانِهِ؛ وَقُدْرَتِهِ؛ وَأَصْلُ هَذَا مِنْ قَوْلِهِمْ: " مَلَكْتُ الْعَجِينَ؛ أَمْلُكُهُ " ؛ إِذَا بَالَغْتَ فِي عَجْنِهِ؛ وَمِنْ هَذَا قِيلَ فِي التَّزْوِيجِ: " شَهِدْنَا إِمْلَاكَ فُلَانٍ " ؛ أَيْ: شَهِدْنَا عَقْدَ أَمْرِ نِكَاحِهِ؛ وَتَشْدِيدَهُ؛ وَمَعْنَى الْآيَةِ: إِنَّ اللَّهَ يَمْلِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَنْ فِيهِنَّ؛ فَهُوَ أَعْلَمُ بِوَجْهِ الصَّلَاحِ فِيمَا يَتَعَبَّدُهُمْ بِهِ مِنْ نَاسِخٍ؛ وَمَنْسُوخٍ؛ وَمَتْرُوكٍ؛ وَغَيْرِهِ. وَقَوْلُهُ - عَزَّ وَجَلَّ -:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=107وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ ؛ هَذَا خِطَابٌ لِلْمُسْلِمِينَ؛ يُخْبَرُونَ فِيهِ أَنَّ مَنْ خَالَفَهُمْ فَهُوَ عَلَيْهِمْ؛ وَأَنَّ اللَّهَ - جَلَّ وَعَزَّ - نَاصِرُهُمْ؛ وَالْفَائِدَةُ فِيهِ أَنَّهُ بِنَصْرِهِ إِيَّاهُمْ يَغْلِبُونَ مَنْ سِوَاهُمْ.
[ ص: 192 ] وَقَوْلُهُ - عَزَّ وَجَلَّ -:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=108أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ ؛ أَجْوَدُ الْقِرَاءَةِ بِتَحْقِيقِ الْهَمْزَةِ؛ وَيَجُوزُ جَعْلُهَا بَيْنَ بَيْنَ؛ يَكُونُ بَيْنَ الْهَمْزَةِ وَالْيَاءِ فَيُلْفَظُ بِهَا: " سُيِلَ " ؛ وَهَذَا إِنَّمَا تَحْكُمُهُ الْمُشَافَهَةُ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَ فِيهِ غَيْرُ فَاصِلٍ بَيْنَ الْمُتَحَقِّقِ وَالْمُلَيَّنِ؛ وَمَا جُعِلَ يَاءً خَالِصَةً؛ وَيَجُوزُ: " كَمَا سِيلَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ " ؛ مِنْ قَوْلِكَ: " سِلْتُ؛ أَسَالُ " ؛ فِي مَعْنَى " سُئِلْتُ؛ أَسْأَلُ " ؛ وَهِيَ لُغَةٌ لِلْعَرَبِ حَجَاهَا جَمِيعُ النَّحْوِيِّينَ؛ وَلَكِنَّ الْقِرَاءَةَ عَلَى الْوَجْهَيْنِ اللَّذَيْنِ شَرَحْنَاهُمَا قَبْلَ هَذَا الْوَجْهِ مِنْ تَحْقِيقِ الْهَمْزَةِ؛ وَتَلْيِينِهَا؛ وَمَعْنَى " أَمْ " ؛ هَهُنَا؛ وَفِي كُلِّ مَكَانٍ لَا تَقَعُ فِيهِ عَطْفًا عَلَى أَلِفِ الِاسْتِفْهَامِ - إِلَّا أَنَّهَا لَا تَكُونُ مُبْتَدَأَةً - أَنَّهَا تُؤْذِنُ بِمَعْنَى " بَلْ " ؛ وَمَعْنَى أَلِفِ الِاسْتِفْهَامِ؛ الْمَعْنَى: " بَلْ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ " ؛ فَمَعْنَى الْآيَةِ أَنَّهُمْ نُهُوا أَنْ يَسْأَلُوا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا لَا خَيْرَ لَهُمْ فِي السُّؤَالِ عَنْهُ؛ وَمَا يُكَفِّرُهُمْ؛ وَإِنَّمَا خُوطِبُوا بِهَذَا بَعْدَ وُضُوحِ الْبَرَاهِينِ لَهُمْ؛ وَإِقَامَتِهَا عَلَى مُخَالَفَتِهِمْ؛ وَقَدْ شَرَحْنَا ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=94فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ ؛ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا تَقَدَّمَ شَرْحُهُ؛ فَأُعْلِمَ الْمُسْلِمُونَ أَنَّ السُّؤَالَ بَعْدَ قِيَامِ الْبَرَاهِينِ كُفْرٌ؛ كَمَا قَالَ - عَزَّ وَجَلَّ -:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=101يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ [ ص: 193 ] وَقَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=108وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ ؛ أَيْ: مَنْ يَسْأَلْ عَمَّا لَا يَعْنِيهِ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ وُضُوحِ الْحَقِّ؛ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ؛ أَيْ: قَصْدَ السَّبِيلِ.