[ ص: 250 ] وقوله: واستفزز من استطعت منهم بصوتك ؛ معناه: "استدعهم استدعاء تستخفهم به إلى إجابتك"؛ و"بصوتك"؛ تفسيره: بدعائك؛ وقيل: "بصوتك": بأصوات الغناء؛ والمزامير.
وقوله: وأجلب عليهم بخيلك ورجلك ؛ أي: "اجمع عليهم كل ما تقدر عليه من مكايدك"؛ وقيل في التفسير: "خيله ورجله": كل خيل يسعى في معصية الله فهي من خيل إبليس؛ وكل ماش في معصية فهو من رجال إبليس؛ و"رجل"؛ جمع "راجل"؛ ويجوز: "ورجالك"؛ فيكون جمع "راجل"؛ و"رجال"؛ مثل: "صاحب"؛ و"صحاب"؛ وجائز أن يكون لإبليس خيل ورجال.
وقوله: وشاركهم في الأموال والأولاد ؛ أي: مرهم أن يجعلوا من أموالهم شيئا لغير الله؛ كما قال الله - سبحانه -: فقالوا هذا لله بزعمهم وهذا لشركائنا ؛ وما قالوه في السائبة والبحيرة؛ والشركة في الأولاد قولهم: "عبد العزى"؛ وعبد الحارث"؛ وقيل: شركته في الأولاد يعنى بها أولاد الزنا؛ وهو كثير في التفسير؛ وكل معصية في ولد؛ أو مال؛ فإبليس اللعين شريكهم فيها.
قوله: وعدهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا ؛ فإن قال قائل: فكيف يجوز أن يؤمر إبليس أن يقال له: شاركهم في الأموال والأولاد وأجلب عليهم بخيلك ورجلك وعدهم بأنهم لا يبعثون; فإذا فعل ذلك فهو مطيع؟ فالجواب في ذلك أن الأمر على ضربين؛ أحدهما متبع [ ص: 251 ] لا غير؛ والثاني: إذا تقدمه نهي عما يؤمر به فالمعنى في الأمر الوعيد؛ والتهديد؛ لأنك قد تقول: "لا تدخلن هذه الدار"؛ فإذا حاول أن يدخلها قلت: "ادخلها وأنت رجل"؛ فلست تأمره بدخولها؛ ولكنك توعده؛ وتهدده؛ وهذا في اللغة والاستعمال كثير موجود؛ ومثله في القرآن: اعملوا ما شئتم ؛ وقد نهوا أن يتبعوا أهواءهم؛ وأن يعملوا بالمعاصي.