قوله - عز وجل -:
nindex.php?page=treesubj&link=28908_19881_28639_28803_29785_29786_30454_30549_32026_32027_34092_34189_34274nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=213كان الناس أمة واحدة ؛ أي: على دين واحد؛ و " الأمة " ؛ في اللغة: أشياء؛ فمنها: " الأمة " : الدين؛ وهو هذا؛ و " الأمة " : القامة؛ يقال: " فلان حسن الأمة " ؛ أي: حسن القامة؛ قال الشاعر:
وأن معاوية الأكرمين حسان الوجوه طوال الأمم
[ ص: 283 ] أي: طوال القامات؛ و " الأمة " : القرن من الناس؛ يقولون: " قد مضت أمم " ؛ أي: قرون؛ و " الأمة " : الرجل الذي لا نظير له؛ ومنه قوله - عز وجل -:
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=120إن إبراهيم كان أمة قانتا لله حنيفا ؛ قال
nindex.php?page=showalam&ids=12078أبو عبيدة : معنى " كان أمة " : كان إماما؛ و " الأمة " : في اللغة: النعمة والخير؛ قال
nindex.php?page=showalam&ids=16559عدي بن زيد: " ثم بعد الفلاح والرشد والأمة؛ وارتهم هناك القبور " ؛ أي: بعد النعمة والخير؛ وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=12112أبو عمرو الشيباني أن العرب تقول للشيخ - إذا كان باقي القوة -: " فلان بأمة " ؛ ومعناه: راجع إلى الخير؛ والنعمة؛ لأن بقاء قوته من أعظم النعمة؛ وأصل هذا كله من القصد؛ يقال: " أممت الشيء " ؛ إذا قصدته؛ فمعنى " الأمة " ؛ في الدين؛ أن مقصدهم مقصد واحد؛ ومعنى " الأمة " ؛ في الرجل المنفرد الذي لا نظير له؛ أن قصده منفرد من قصد سائر الناس؛ ويروى أن زيد بن
عدي بن نفيل يبعث يوم القيامة أمة وحده؛ وإنما
[ ص: 284 ] ذلك لأنه أسلم في الجاهلية قبل مبعث النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فمات موحدا؛ فهذا أمة في وقته؛ لانفراده؛ وبيت
nindex.php?page=showalam&ids=8572النابغة :
حلفت فلم أترك لنفسك ريبة ... وهل يأثمن ذو أمة وهو طائع
ويروى " ذو أمة " ؛ و " ذو إمة " ؛ ويحتمل ضربين من التفسير: " ذو أمة " : ذو دين؛ و " ذو أمة " : ذو نعمة أسديت إليه؛ ومعنى " الأمة " - القامة -: سائر مقصد الجسد؛ فليس يخرج شيء من هذا الباب عن معنى " أممت " ؛ أي: قصدت؛ ويقال: " إمامنا هذا حسن الأمة " ؛ أي: يقوم بإمامته بنا في صلاته؛ ويحسن ذلك؛ وقالوا في معنى الآية غير قول: قالوا: كان الناس فيما بين
آدم؛ ونوح - عليهما السلام - كفارا؛ فبعث الله النبيين يبشرون من أطاع بالجنة؛ وينذرون من عصى بالنار؛ وقال قوم: معنى " كان الناس أمة واحدة " : كان كل من بعث إليه الأنبياء كفارا.
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=213فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين ؛ ونصب " مبشرين ومنذرين " ؛ على الحال؛ فالمعنى أن أمم الأنبياء الذين بعث إليهم الأنبياء كانوا كفارا؛ كما كانت هذه الأمة قبل مبعث النبي - صلى الله عليه وسلم. وقوله - عز وجل -:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=213ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه ؛ أي: ليفصل بينهم بالحكمة. وقوله - عز وجل -:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=213وما اختلف فيه إلا الذين أوتوه ؛ أي: ما اختلف في أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا الذين أعطوا علم حقيقته؛ وقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=213بغيا بينهم ؛ نصب " بغيا " ؛ على معنى مفعول له؛ المعنى: لم يوقعوا الاختلاف إلا
[ ص: 285 ] للبغي؛ لأنهم عالمون حقيقة أمره في كتبهم؛ وقوله - عز وجل -:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=213فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق ؛ أي: للحق الذي اختلف فيه أهل الزيغ. وقوله - عز وجل -:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=213بإذنه ؛ أي: بعلمه؛ أي: من الحق الذي أمر به. وقوله - عز وجل -:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=213يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم ؛ أي: إلى طريق الدين الواضح؛ ومعنى " يهدي من يشاء " : يدله على طريق الهدى؛ إذا طلبه غير متعنت؛ ولا باغ.
قَوْلُهُ - عَزَّ وَجَلَّ -:
nindex.php?page=treesubj&link=28908_19881_28639_28803_29785_29786_30454_30549_32026_32027_34092_34189_34274nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=213كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً ؛ أَيْ: عَلَى دِينٍ وَاحِدٍ؛ وَ " اَلْأُمَّةُ " ؛ فِي اللُّغَةِ: أَشْيَاءُ؛ فَمِنْهَا: " اَلْأُمَّةُ " : اَلدِّينُ؛ وَهُوَ هَذَا؛ وَ " اَلْأُمَّةُ " : اَلْقَامَةُ؛ يُقَالُ: " فُلَانٌ حَسَنُ الْأُمَّةِ " ؛ أَيْ: حَسَنُ الْقَامَةِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
وَأَنَّ مُعَاوِيَةَ الْأَكْرَمِينَ حِسَانُ الْوُجُوهِ طِوَالُ الْأُمَمْ
[ ص: 283 ] أَيْ: طِوَالُ الْقَامَاتِ؛ وَ " اَلْأُمَّةُ " : اَلْقَرْنُ مِنَ النَّاسِ؛ يَقُولُونَ: " قَدْ مَضَتْ أُمَمٌ " ؛ أَيْ: قُرُونٌ؛ وَ " اَلْأُمَّةُ " : اَلرَّجُلُ الَّذِي لَا نَظِيرَ لَهُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ - عَزَّ وَجَلَّ -:
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=120إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا ؛ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12078أَبُو عُبَيْدَةَ : مَعْنَى " كَانَ أُمَّةً " : كَانَ إِمَامًا؛ وَ " اَلْأُمَّةُ " : فِي اللُّغَةِ: اَلنِّعْمَةُ وَالْخَيْرُ؛ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16559عَدِيُّ بْنُ زَيْدٍ: " ثُمَّ بَعْدَ الْفَلَاحِ وَالرُّشْدِ وَالْأُمَّةِ؛ وَارَتْهُمْ هُنَاكَ الْقُبُورُ " ؛ أَيْ: بَعْدَ النِّعْمَةِ وَالْخَيْرِ؛ وَذَكَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=12112أَبُو عَمْرٍو الشَّيْبَانِيُّ أَنَّ الْعَرَبَ تَقُولُ لِلشَّيْخِ - إِذَا كَانَ بَاقِيَ الْقُوَّةِ -: " فُلَانٌ بِأُمَّةٍ " ؛ وَمَعْنَاهُ: رَاجِعٌ إِلَى الْخَيْرِ؛ وَالنِّعْمَةِ؛ لِأَنَّ بَقَاءَ قُوَّتِهِ مِنْ أَعْظَمِ النِّعْمَةِ؛ وَأَصْلُ هَذَا كُلِّهِ مِنَ الْقَصْدِ؛ يُقَالُ: " أَمَمْتُ الشَّيْءَ " ؛ إِذَا قَصَدْتُهُ؛ فَمَعْنَى " اَلْأُمَّةُ " ؛ فِي الدِّينِ؛ أَنَّ مَقْصِدَهُمْ مَقْصِدٌ وَاحِدٌ؛ وَمَعْنَى " اَلْأُمَّةُ " ؛ فِي الرَّجُلِ الْمُنْفَرِدِ الَّذِي لَا نَظِيرَ لَهُ؛ أَنَّ قَصْدَهُ مُنْفَرِدٌ مِنْ قَصْدِ سَائِرِ النَّاسِ؛ وَيُرْوَى أَنَّ زَيْدَ بْنَ
عَدِيِّ بْنِ نُفَيْلٍ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أُمَّةً وَحْدَهُ؛ وَإِنَّمَا
[ ص: 284 ] ذَلِكَ لِأَنَّهُ أَسْلَمَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ قَبْلَ مَبْعَثِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ فَمَاتَ مُوَحِّدًا؛ فَهَذَا أُمَّةٌ فِي وَقْتِهِ؛ لِانْفِرَادِهِ؛ وَبَيْتُ
nindex.php?page=showalam&ids=8572النَّابِغَةِ :
حَلَفْتُ فَلَمْ أَتْرُكْ لِنَفْسِكَ رِيبَةً ... وَهَلْ يَأْثَمَنْ ذُو أُمَّةٍ وَهْوَ طَائِعُ
وَيُرْوَى " ذُو أَمَّةٍ " ؛ وَ " ذُو إِمَّةٍ " ؛ وَيَحْتَمِلُ ضَرْبَيْنِ مِنَ التَّفْسِيرِ: " ذُو أُمَّةٍ " : ذُو دِينٍ؛ وَ " ذُو أُمَّةٍ " : ذُو نِعْمَةٍ أُسْدِيَتْ إِلَيْهِ؛ وَمَعْنَى " اَلْأُمَّةُ " - اَلْقَامَةُ -: سَائِرُ مَقْصِدِ الْجَسَدِ؛ فَلَيْسَ يَخْرُجُ شَيْءٌ مِنْ هَذَا الْبَابِ عَنْ مَعْنَى " أَمَمْتُ " ؛ أَيْ: قَصَدْتُ؛ وَيُقَالُ: " إِمَامُنَا هَذَا حَسَنُ الْأَمَّةِ " ؛ أَيْ: يَقُومُ بِإِمَامَتِهِ بِنَا فِي صَلَاتِهِ؛ وَيُحْسِنُ ذَلِكَ؛ وَقَالُوا فِي مَعْنَى الْآيَةِ غَيْرَ قَوْلٍ: قَالُوا: كَانَ النَّاسُ فِيمَا بَيْنَ
آدَمَ؛ وَنُوحٍ - عَلَيْهِمَا السَّلَامُ - كُفَّارًا؛ فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ يُبَشِّرُونَ مَنْ أَطَاعَ بِالْجَنَّةِ؛ وَيُنْذِرُونَ مَنْ عَصَى بِالنَّارِ؛ وَقَالَ قَوْمٌ: مَعْنَى " كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً " : كَانَ كُلُّ مَنْ بُعِثَ إِلَيْهِ الْأَنْبِيَاءُ كُفَّارًا.
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=213فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ ؛ وَنُصِبَ " مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ " ؛ عَلَى الْحَالِ؛ فَالْمَعْنَى أَنَّ أُمَمَ الْأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ بُعِثَ إِلَيْهِمُ الْأَنْبِيَاءُ كَانُوا كُفَّارًا؛ كَمَا كَانَتْ هَذِهِ الْأُمَّةُ قَبْلَ مَبْعَثِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَوْلُهُ - عَزَّ وَجَلَّ -:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=213لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ ؛ أَيْ: لِيَفْصِلَ بَيْنَهُمْ بِالْحِكْمَةِ. وَقَوْلُهُ - عَزَّ وَجَلَّ -:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=213وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلا الَّذِينَ أُوتُوهُ ؛ أَيْ: مَا اخْتَلَفَ فِي أَمْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَّا الَّذِينَ أُعْطُوا عِلْمَ حَقِيقَتِهِ؛ وَقَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=213بَغْيًا بَيْنَهُمْ ؛ نُصِبَ " بَغْيًا " ؛ عَلَى مَعْنَى مَفْعُولٍ لَهُ؛ الْمَعْنَى: لَمْ يُوقِعُوا الِاخْتِلَافَ إِلَّا
[ ص: 285 ] لِلْبَغْيِ؛ لِأَنَّهُمْ عَالِمُونَ حَقِيقَةَ أَمْرِهِ فِي كُتُبِهِمْ؛ وَقَوْلُهُ - عَزَّ وَجَلَّ -:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=213فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ ؛ أَيْ: لِلْحَقِّ الَّذِي اخْتَلَفَ فِيهِ أَهْلُ الزَّيْغِ. وَقَوْلُهُ - عَزَّ وَجَلَّ -:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=213بِإِذْنِهِ ؛ أَيْ: بِعِلْمِهِ؛ أَيْ: مِنَ الْحَقِّ الَّذِي أَمَرَ بِهِ. وَقَوْلُهُ - عَزَّ وَجَلَّ -:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=213يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ؛ أَيْ: إِلَى طَرِيقِ الدِّينِ الْوَاضِحِ؛ وَمَعْنَى " يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ " : يَدُلُّهُ عَلَى طَرِيقِ الْهُدَى؛ إِذَا طَلَبَهُ غَيْرَ مُتَعَنِّتٍ؛ وَلَا بَاغٍ.