وقوله (تعالى): ألم تر أن الله يعلم ما في السماوات وما في الأرض   ؛  [ ص: 137 ] أي: يعلم كل ما في السماوات؛ وكل ما في الأرض؛ مما ظهر للعباد ومما بطن. 
وقوله - عز وجل -: ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم  ؛ أي: ما يكون من خلوة ثلاثة يسرون شيئا؛ ويتناجون به؛ إلا وهو رابعهم؛ عالم به؛ وهو في كل مكان؛ أي: بالعلم؛ و"نجوى"؛ مشتق من "النجوة"؛ وهو ما ارتفع؛ وتنحى"؛ تقول: "فلان من هذا المكان بنجوة"؛ إذا كان بناحية منه؛ فمعنى "يتناجون": يتخالون بما يريدون؛ وذكر الله هذه الآية لأن المنافقين واليهود كانوا يتناجون؛ فيوهمون المسلمين أنهم يتناجون فيما يسوؤهم ويؤذيهم؛ فيحزنون لذلك؛ فنهى الله - عز وجل - عن تلك النجوى؛ فعاد المنافقون واليهود إلى ذلك؛ فأعلم الله - عز وجل - النبي - صلى الله عليه وسلم - أنهم قد عادوا في مثل تلك النجوى بعينها؛ فقال: ألم تر إلى الذين نهوا عن النجوى ثم يعودون لما نهوا عنه ويتناجون بالإثم والعدوان ومعصيت الرسول  ؛ أي: يوصي بعضهم بعضا بمعصية الرسول؛ وإذا جاءوك حيوك بما لم يحيك به الله ويقولون في أنفسهم لولا يعذبنا الله بما نقول  ؛ أي: هلا يعذبنا الله بما نقول؟ وكانوا إذا أتوا النبي - صلى الله عليه وسلم - قالوا: السام عليكم؛ و"السام": الموت؛ فقالوا: لم لا ينزل بنا العذاب إذا قلنا للنبي - عليه السلام - هذا القول؛ والله - عز وجل - وعدهم بعذاب الآخرة؛ وبالخزي في الدنيا؛ وبإظهار الإسلام؛ وأمر النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ وغلبة حزبه؛ فقال: حسبهم جهنم يصلونها  ؛ وقال: كبتوا كما كبت الذين من قبلهم  ؛ وقال: فإن حزب الله هم الغالبون  ؛ فصدق وعده؛ ونصر جنده؛ وأظهر دينه؛ وكبت عدوه. 
				
						
						
