لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم ؛ قرئت : " غير أولي الضرر " ؛ بالرفع؛ و " غير " ؛ بالنصب؛ فأما الرفع فمن جهتين؛ إحداهما أن يكون " غير " ؛ صفة للقاعدين؛ وإن كان أصلها أن تكون صفة للنكرة؛ المعنى : لا يستوي القاعدون الذين هم غير أولي الضرر؛ أي : لا يستوي القاعدون الأصحاء؛ والمجاهدون؛ وإن كانوا كلهم مؤمنين؛ ويجوز أن يكون " غير " ؛ رفعا على جهة الاستثناء؛ المعنى : لا يستوي القاعدون؛ والمجاهدون [ ص: 93 ] إلا أولو الضرر؛ فإنهم يساوون المجاهدين؛ لأن الذي أقعدهم عن الجهاد الضرر؛ والضرر أن يكون ضريرا؛ أو أعمى؛ أو زمنا؛ أو مريضا؛ ويروى أن ابن أم مكتوم قال للنبي - صلى الله عليه وسلم - أعلي جهاد؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " انفروا خفافا وثقالا ؛ فإما أن تكون من الخفاف؛ أو من الثقال " ؛ فأنزل الله : ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج
وقوله - جل وعز - : فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة وكلا وعد الله الحسنى ؛ أي : وعد الجنة؛ وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما ؛ ويجوز أن يكون " غير أولي الضرر " ؛ نصبا على الاستثناء من " القاعدين " ؛ المعنى : لا يستوي القاعدون إلا أولي الضرر؛ على أصل الاستثناء؛ النصب؛ ويجوز أن يكون " غير " ؛ منصوبا على الحال؛ المعنى : لا يستوي القاعدون في حال صحتهم؛ والمجاهدون؛ كما تقول : " جاءني زيد غير مريض " ؛ أي : جاءني زيد صحيحا؛ ويجوز جر " غير " ؛ على الصفة لـ " المؤمنين " ؛ أي : لا يستوي القاعدون من المؤمنين الأصحاء؛ والمجاهدون؛ أما الرفع والنصب فالقراءة بهما كثيرة؛ والجر وجه جيد؛ إلا أن أهل الأمصار لم يقرؤوا به؛ وإن كان وجها؛ لأن القراءة سنة متبعة.