وقوله - عز وجل -: وإذ آتينا موسى الكتاب والفرقان لعلكم تهتدون ؛ " آتينا " ؛ بمعنى: أعطينا؛ و " الكتاب " ؛ مفعول به؛ و " الفرقان " ؛ عطف عليه؛ ويجوز أن يكون " الفرقان " ؛ الكتاب بعينه؛ إلا أنه أعيد ذكره؛ وعنى به أنه يفرق بين الحق؛ والباطل؛ وقد قال بعض النحويين - وهو قطرب -: المعنى: " وآتينا محمدا الفرقان " ؛ ودليله قوله - عز وجل -: تبارك الذي نـزل الفرقان على عبده ؛ يعني به القرآن.
والقول الأول هو القول؛ لأن الفرقان قد ذكر لموسى في غير هذا الموضع؛ قال الله - عز وجل -: ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان وضياء وذكرا للمتقين وقوله - عز وجل -: لعلكم تهتدون ؛ " لعل " ؛ إنما ذكرت هنا - والله يعلم أيهتدون؛ أم لا يهتدون - على ما يفعل العباد؛ ويتخاطبون به؛ أي أن هذا يرجى به الهداية؛ فخوطبوا على رجائهم؛ ومثله قوله: لعله يتذكر أو يخشى ؛ إنما المعنى: اذهبا على رجائكما؛ والله - عز وجل - عالم بما يكون؛ وهو من ورائه.