وقوله :
nindex.php?page=treesubj&link=28908_1534_2646_28328_28633_28723_29676_32363_34134nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=55إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا ؛ بين من هم المؤمنون؛ فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=55الذين يقيمون الصلاة ؛ وإقامتها تمامها بجميع فرضها؛ وأول فروضها صحة الإيمان بها؛ وهذا كقولك : " فلان قائم بعلمه الذي وليه " ؛ تأويله : إنه يوفي العمل حقوقه؛ ومعنى
[ ص: 184 ] " يقيمون " : من قولك : " هذا قوام الأمر " ؛ فأما قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=54أذلة على المؤمنين ؛ فمخفوض على نعت " قوم " ؛ وإن شئت كانت نصبا على وجهين؛ أحدهما الحال؛ على معنى " يحبهم ويحبونه " ؛ في حال تذللهم على المؤمنين؛ وتعززهم على الكافرين؛ ويجوز أن يكون نصبا على المدح. فأما قوله - عز وجل - :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=46وقفينا على آثارهم بعيسى ابن مريم ؛ أي : قفينا على آثار الرسل
بعيسى؛ أي : جعلناه يقفوهم؛ وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=46مصدقا لما بين يديه من التوراة ؛ أي : لما تقدم من التوراة؛ ونصب " مصدقا " ؛ على الحال؛ وهو جائز أن يكون من صفة " الإنجيل " ؛ فهو منصوب بقوله : " وآتيناه " ؛ المعنى : " آتيناه الإنجيل مستقرا فيه هدى ونور ومصدقا " ؛ ويجوز أن يكون حالا من "
عيسى " ؛ المعنى : " وآتيناه الإنجيل هاديا ومصدقا " ؛ لأنه إذا قيل : " آتيناه الإنجيل فيه هدى " ؛ فالذي أتى بالهدى هو هاد؛ والأحسن أن يكون على معنى " وقفينا
بعيسى آتيا بالإنجيل وهاديا ومصدقا لما بين يديه من التوراة " ؛ والدليل على أنه من صفة "
عيسى " ؛ قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=6يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=48لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ؛ قال بعضهم : " الشرعة " : الدين؛ و " المنهاج " : الطريق؛ وقيل : " الشرعة " ؛ و " المنهاج " ؛ جميعا : الطريق؛ والطريق ههنا : الدين؛ ولكن اللفظ إذا اختلف أتي منه بألفاظ تؤكد بها القصة؛ والأمر؛ نحو قول الشاعر :
[ ص: 185 ] حييت من طلل تقادم عهده ... أقوى وأقفر بعد أم الهيثم
فإن معنى " أقوى وأقفر " ؛ يدل على الخلوة؛ إلا أن اللفظين أوكد في الخلو من لفط واحد؛ وقال
أبو العباس محمد بن يزيد : " شرعة " ؛ معناها : ابتداء الطريق؛ و " المنهاج " : الطريق المستمر؛ قال : وهذه الألفاظ إذا تكررت في مثل هذا فللزيادة في الفائدة؛ قال : وكذلك قول الحطيئة :
ألا حبذا هند وأرض بها هند ... وهند أتى من دونها النأي والبعد
قال : " النأي " ؛ لكل ما قل بعده منك أو كثر؛ كأنه يقول : " النأي " : المفارقة؛ قلت؛ أو كثرت؛ و " البعد " ؛ إنما يستعمل في الشيء البعيد؛ ومعنى البعيد عنده ما كثرت مسافة مفارقته؛ وكأنه يقول لما قرب منه : هو ناء عني؛ وكذلك لما بعد عنه؛ و " النأي " ؛ عنده : المفارقة.
وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=treesubj&link=28908_1534_2646_28328_28633_28723_29676_32363_34134nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=55إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا ؛ بَيَّنَ مَنْ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ؛ فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=55الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ ؛ وَإِقَامَتُهَا تَمَامُهَا بِجَمِيعِ فَرْضِهَا؛ وَأَوَّلُ فُرُوضِهَا صِحَّةُ الْإِيمَانِ بِهَا؛ وَهَذَا كَقَوْلِكَ : " فُلَانٌ قَائِمٌ بِعِلْمِهِ الَّذِي وَلِيَهُ " ؛ تَأْوِيلُهُ : إِنَّهُ يُوَفِّي الْعَمَلَ حُقُوقَهُ؛ وَمَعْنَى
[ ص: 184 ] " يُقِيمُونَ " : مِنْ قَوْلِكَ : " هَذَا قِوَامُ الْأَمْرِ " ؛ فَأَمَّا قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=54أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ؛ فَمَخْفُوضٌ عَلَى نَعْتِ " قَوْمٍ " ؛ وَإِنْ شِئْتَ كَانَتْ نَصْبًا عَلَى وَجْهَيْنِ؛ أَحَدُهُمَا الْحَالُ؛ عَلَى مَعْنَى " يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ " ؛ فِي حَالِ تَذَلُّلِهِمْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ؛ وَتَعَزُّزِهِمْ عَلَى الْكَافِرِينَ؛ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ نَصْبًا عَلَى الْمَدْحِ. فَأَمَّا قَوْلُهُ - عَزَّ وَجَلَّ - :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=46وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ؛ أَيْ : قَفَّيْنَا عَلَى آثَارِ الرُّسُلِ
بِعِيسَى؛ أَيْ : جَعَلْنَاهُ يَقْفُوهُمْ؛ وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=46مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ ؛ أَيْ : لِمَا تَقَدَّمَ مِنَ التَّوْرَاةِ؛ وَنُصِبَ " مُصَدِّقًا " ؛ عَلَى الْحَالِ؛ وَهُوَ جَائِزٌ أَنْ يَكُونَ مِنْ صِفَةِ " اَلْإِنْجِيلَ " ؛ فَهُوَ مَنْصُوبٌ بِقَوْلِهِ : " وَآتَيْنَاهُ " ؛ اَلْمَعْنَى : " آتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ مُسْتَقِرًّا فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا " ؛ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَالًا مِنْ "
عِيسَى " ؛ اَلْمَعْنَى : " وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ هَادِيًا وَمُصَدِّقًا " ؛ لِأَنَّهُ إِذَا قِيلَ : " آتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدًى " ؛ فَالَّذِي أَتَى بِالْهُدَى هُوَ هَادٍ؛ وَالْأَحْسَنُ أَنْ يَكُونَ عَلَى مَعْنَى " وَقَفَّيْنَا
بِعِيسَى آتِيًا بِالْإِنْجِيلِ وَهَادِيًا وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ " ؛ وَالدَّلِيلِ عَلَى أَنَّهُ مِنْ صِفَةِ "
عِيسَى " ؛ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=6يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=48لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا ؛ قَالَ بَعْضُهُمْ : " اَلشِّرْعَةُ " : اَلدِّينُ؛ وَ " اَلْمِنْهَاجُ " : اَلطَّرِيقُ؛ وَقِيلَ : " اَلشِّرْعَةُ " ؛ وَ " اَلْمِنْهَاجُ " ؛ جَمِيعًا : اَلطَّرِيقُ؛ وَالطَّرِيقُ هَهُنَا : اَلدِّينُ؛ وَلَكِنَّ اللَّفْظَ إِذَا اخْتَلَفَ أُتِيَ مِنْهُ بِأَلْفَاظٍ تُؤَكَّدُ بِهَا الْقِصَّةُ؛ وَالْأَمْرُ؛ نَحْوَ قَوْلِ الشَّاعِرِ :
[ ص: 185 ] حُيِّيتَ مِنْ طَلَلٍ تَقَادَمَ عَهْدُهُ ... أَقْوَى وَأَقْفَرَ بَعْدَ أُمِّ الْهَيْثَمِ
فَإِنَّ مَعْنَى " أَقْوَى وَأَقْفَرَ " ؛ يَدُلُّ عَلَى الْخَلْوَةِ؛ إِلَّا أَنَّ اللَّفْظَيْنِ أَوْكَدُ فِي الْخُلُوِّ مِنْ لَفْطٍ وَاحِدٍ؛ وَقَالَ
أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ : " شِرْعَةً " ؛ مَعْنَاهَا : اِبْتِدَاءَ الطَّرِيقِ؛ وَ " اَلْمِنْهَاجُ " : اَلطَّرِيقُ الْمُسْتَمِرُّ؛ قَالَ : وَهَذِهِ الْأَلْفَاظُ إِذَا تَكَرَّرَتْ فِي مِثْلِ هَذَا فَلِلزِّيَادَةِ فِي الْفَائِدَةِ؛ قَالَ : وَكَذَلِكَ قَوْلُ الْحُطَيْئَةِ :
أَلَا حَبَّذَا هِنْدٌ وَأَرْضٌ بِهَا هِنْدُ ... وَهِنْدٌ أَتَى مِنْ دُونِهَا النَّأْيُ وَالْبُعْدُ
قَالَ : " اَلنَّأْيُ " ؛ لِكُلِّ مَا قَلَّ بُعْدُهُ مِنْكَ أَوْ كَثُرَ؛ كَأَنَّهُ يَقُولُ : " اَلنَّأْيُ " : اَلْمُفَارَقَةُ؛ قَلَّتْ؛ أَوْ كَثُرَتْ؛ وَ " اَلْبُعْدُ " ؛ إِنَّمَا يُسْتَعْمَلُ فِي الشَّيْءِ الْبَعِيدِ؛ وَمَعْنَى الْبَعِيدِ عِنْدَهُ مَا كَثُرَتْ مَسَافَةُ مُفَارَقَتِهِ؛ وَكَأَنَّهُ يَقُولُ لِمَا قَرُبَ مِنْهُ : هُوَ نَاءٍ عَنِّي؛ وَكَذَلِكَ لِمَا بَعُدَ عَنْهُ؛ وَ " اَلنَّأْيُ " ؛ عِنْدَهُ : اَلْمُفَارَقَةُ.