وقوله - جل وعز - :
nindex.php?page=treesubj&link=28908_30497_34091nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=3وهو الله في السماوات وفي الأرض ؛ " في " ؛ موصولة في المعنى بما يدل عليه اسم الله؛ المعنى : هو الخالق العالم بما يصلح به أمر السماء والأرض؛ المعنى : هو المتفرد بالتدبير في السماوات والأرض؛ ولو قلت : " هو زيد في البيت والدار " ؛ لم يجز؛ إلا أن يكون في الكلام دليل على أن زيدا يدبر أمر البيت والدار؛ فيكون المعنى : هو المدبر في الدار والبيت؛ ولو قلت : " هو المعتضد الخليفة في الشرق والغرب " ؛ أو قلت : " هو المعتضد في الشرق والغرب " ؛ جاز على هذا؛ ويجوز أن يكون خبرا بعد خبر؛ كأنه قيل : إنه هو الله؛ وهو في السماوات وفي الأرض؛ ومثل هذا القول الأول :
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=84وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله ؛ ويجوز أن يكون " وهو الله في السماوات وفي الأرض " ؛ أي : هو المعبود فيهما؛ وهذا نحو القول الأول.
قوله - عز وجل - :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=5فسوف يأتيهم أنباء ما كانوا به يستهزئون ؛ دل بهذا أنهم كانوا يستهزئون؛ وقد ذكر استهزاؤهم في غير هذا المكان؛ ومعنى إتيانه أي : " تأويله " ؛ المعنى : سيعلمون ما يؤول إليه استهزاؤهم. وقوله - عز وجل - :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=6ألم يروا كم أهلكنا من قبلهم من قرن ؛
[ ص: 229 ] موضع " كم " : نصب بـ " أهلكنا " ؛ إلا أن هذا الاستفهام لا يعمل فيه ما قبله؛ وقيل : " القرن " : ثمانون سنة؛ وقيل : سبعون؛ والذي يقع عندي - والله أعلم - أن " القرن " : أهل مدة كان فيها نبي؛ أو كان فيها طبقة من أهل العلم؛ قلت السنون؛ أو كثرت؛ والدليل على هذا قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=652457خيركم قرني " ؛ أي : أصحابي - رحمة الله عليهم -؛ ثم الذين يلونهم - يعني التابعين -؛ ثم الذين يلونهم " ؛ يعني : الذين أخذوا عن التابعين؛ وجائز أن يكون " القرن " ؛ لجملة الأمة؛ وهؤلاء قرون فيها؛ وإنما اشتقاق القرن من " الاقتران " ؛ فتأويله أن القرن الذين كانوا مقترنين في ذلك الوقت؛ والذين يأتون بعدهم ذوو اقتران آخر؛ وقوله - عز وجل - :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=6وأرسلنا السماء عليهم مدرارا ؛ أي : ذات غيث كثير؛ و " مفعال " ؛ من أسماء المبالغة؛ يقال : " ديمة مدرار " ؛ إذا كان مطرها غزيرا دائما؛ وهذا كقولهم : " امرأة مذكار " ؛ إذا كانت كثيرة الولادة للذكور؛ وكذا " مئناث " ؛ في الإناث.
وَقَوْلُهُ - جَلَّ وَعَزَّ - :
nindex.php?page=treesubj&link=28908_30497_34091nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=3وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الأَرْضِ ؛ " فِي " ؛ مَوْصُولَةٌ فِي الْمَعْنَى بِمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ اسْمُ اللَّهِ؛ الْمَعْنَى : هُوَ الْخَالِقُ الْعَالِمُ بِمَا يَصْلُحُ بِهِ أَمْرُ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ؛ الْمَعْنَى : هُوَ الْمُتَفَرِّدُ بِالتَّدْبِيرِ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ؛ وَلَوْ قُلْتَ : " هُوَ زَيْدٌ فِي الْبَيْتِ وَالدَّارِ " ؛ لَمْ يَجُزْ؛ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي الْكَلَامِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ زَيْدًا يُدَبِّرُ أَمْرَ الْبَيْتِ وَالدَّارِ؛ فَيَكُونَ الْمَعْنَى : هُوَ الْمُدَبِّرُ فِي الدَّارِ وَالْبَيْتِ؛ وَلَوْ قُلْتَ : " هُوَ الْمُعْتَضِدُ الْخَلِيفَةُ فِي الشَّرْقِ وَالْغَرْبِ " ؛ أَوْ قُلْتَ : " هُوَ الْمُعْتَضِدُ فِي الشَّرْقِ وَالْغَرْبِ " ؛ جَازَ عَلَى هَذَا؛ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ خَبَرًا بَعْدَ خَبَرٍ؛ كَأَنَّهُ قِيلَ : إِنَّهُ هُوَ اللَّهُ؛ وَهُوَ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ؛ وَمِثْلُ هَذَا الْقَوْلِ الْأَوَّلِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=84وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الأَرْضِ إِلَهٌ ؛ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ " وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ " ؛ أَيْ : هُوَ الْمَعْبُودُ فِيهِمَا؛ وَهَذَا نَحْوَ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ.
قَوْلُهُ - عَزَّ وَجَلَّ - :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=5فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أَنْبَاءُ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ؛ دَلَّ بِهَذَا أَنَّهُمْ كَانُوا يَسْتَهْزِئُونَ؛ وَقَدْ ذُكِرَ اسْتِهْزَاؤُهُمْ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَكَانِ؛ وَمَعْنَى إِتْيَانِهِ أَيْ : " تَأْوِيلُهُ " ؛ اَلْمَعْنَى : سَيَعْلَمُونَ مَا يَؤُولُ إِلَيْهِ اسْتِهْزَاؤُهُمْ. وَقَوْلُهُ - عَزَّ وَجَلَّ - :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=6أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ ؛
[ ص: 229 ] مَوْضِعُ " كَمْ " : نَصْبٌ بِـ " أَهْلَكْنَا " ؛ إِلَّا أَنَّ هَذَا الِاسْتِفْهَامَ لَا يَعْمَلُ فِيهِ مَا قَبْلَهُ؛ وَقِيلَ : " اَلْقَرْنُ " : ثَمَانُونَ سَنَةً؛ وَقِيلَ : سَبْعُونَ؛ وَالَّذِي يَقَعُ عِنْدِي - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّ " اَلْقَرْنُ " : أَهْلُ مُدَّةٍ كَانَ فِيهَا نَبِيٌّ؛ أَوْ كَانَ فِيهَا طَبَقَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ؛ قَلَّتِ السُّنُونَ؛ أَوْ كَثُرَتْ؛ وَالدَّلِيلُ عَلَى هَذَا قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=652457خَيْرُكُمْ قَرْنِي " ؛ أَيْ : أَصْحَابِي - رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ -؛ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ - يَعْنِي التَّابِعِينَ -؛ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ " ؛ يَعْنِي : اَلَّذِينَ أَخَذُوا عَنِ التَّابِعِينَ؛ وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ " اَلْقَرْنُ " ؛ لِجُمْلَةِ الْأُمَّةِ؛ وَهَؤُلَاءِ قُرُونٌ فِيهَا؛ وَإِنَّمَا اشْتِقَاقُ الْقَرْنِ مِنْ " اَلِاقْتِرَانُ " ؛ فَتَأْوِيلُهُ أَنَّ الْقَرْنَ الَّذِينَ كَانُوا مُقْتَرِنِينَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ؛ وَالَّذِينَ يَأْتُونَ بَعْدَهُمْ ذَوُو اقْتِرَانٍ آخَرَ؛ وَقَوْلُهُ - عَزَّ وَجَلَّ - :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=6وَأَرْسَلْنَا السَّمَاءَ عَلَيْهِمْ مِدْرَارًا ؛ أَيْ : ذَاتَ غَيْثٍ كَثِيرٍ؛ وَ " مِفْعَالٌ " ؛ مِنْ أَسْمَاءِ الْمُبَالَغَةِ؛ يُقَالُ : " دِيمَةٌ مِدْرَارٌ " ؛ إِذَا كَانَ مَطَرُهَا غَزِيرًا دَائِمًا؛ وَهَذَا كَقَوْلِهِمْ : " اِمْرَأَةٌ مِذْكَارٌ " ؛ إِذَا كَانَتْ كَثِيرَةَ الْوِلَادَةِ لِلذُّكُورِ؛ وَكَذَا " مِئْنَاثٌ " ؛ فِي الْإِنَاثِ.