فصل في
nindex.php?page=treesubj&link=28915الواسطة بين الحقيقة والمجاز قيل بها في ثلاثة أشياء -: أحدها: اللفظ قبل الاستعمال، وهذا القسم مفقود في القرآن، ويمكن أن يكون منه أوائل السور على القول بأنها للإشارة إلى الحروف التي يتركب منها الكلام. ثانيها: الأعلام. ثالثها: اللفظ المستعمل في المشاكلة، نحو:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=54ومكروا ومكر الله ،
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=40وجزاء سيئة سيئة مثلها . ذكر بعضهم أنها
[ ص: 202 ] واسطة بين الحقيقة والمجاز، قال: لأنه لم يوضع فيما استعمل فيه، فليس حقيقة، ولا علاقة معتبرة، فليس مجازا، كذا في شرح بديعية
ابن جابر لرفيقه. قلت: والذي يظهر أنها مجاز، والعلاقة المصاحبة.
خاتمة لهم مجاز المجاز، وهو أن يجعل المجاز المأخوذ عن الحقيقة بمثابة الحقيقة بالنسبة إلى مجاز آخر، فيتجوز بالمجاز الأول عن الثاني لعلاقة بينهما، كقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=235ولكن لا تواعدوهن سرا ، فإنه مجاز عن مجاز، فإن الوطء تجوز عنه بالسر، لكونه لا يقع غالبا إلا في السر، وتجوز به عن العقد، لأنه مسبب عنه، فالمصحح للمجاز الأول الملازمة والثاني السببية. والمعنى لا تواعدوهن عقد نكاح. وكذا قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=5ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله ، فإن قول:
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=19لا إله إلا الله مجاز عن تصديق القلب بمدلول هذا اللفظ، والعلاقة السببية، لأن توحيد اللسان مسبب عن توحيد الجنان، والتعبير بلا إله إلا الله عن الوحدانية من مجاز التعبير بالقول عن المقول فيه. وجعل منه
ابن السيد قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=26أنزلنا عليكم لباسا ، فإن المنزل عليهم ليس هو نفس اللباس، بل الماء المنبت للزرع المتخذ منه الغزل المنسوج منه اللباس.
فَصْلٌ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=28915الْوَاسِطَةِ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ قِيلَ بِهَا فِي ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ -: أَحَدُهَا: اللَّفْظُ قَبْلَ الِاسْتِعْمَالِ، وَهَذَا الْقِسْمُ مَفْقُودٌ فِي الْقُرْآنِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مِنْهُ أَوَائِلُ السُّوَرِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا لِلْإِشَارَةِ إِلَى الْحُرُوفِ الَّتِي يَتَرَكَّبُ مِنْهَا الْكَلَامُ. ثَانِيهَا: الْأَعْلَامُ. ثَالِثُهَا: اللَّفْظُ الْمُسْتَعْمَلُ فِي الْمُشَاكَلَةِ، نَحْوُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=54وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ ،
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=40وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٍ مِثْلُهَا . ذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّهَا
[ ص: 202 ] وَاسِطَةٌ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ، قَالَ: لِأَنَّهُ لَمْ يُوضَعْ فِيمَا اسْتُعْمِلَ فِيهِ، فَلَيْسَ حَقِيقَةً، وَلَا عَلَاقَةَ مُعْتَبَرَةٌ، فَلَيْسَ مَجَازًا، كَذَا فِي شَرْحِ بَدِيعِيَّةِ
ابْنِ جَابِرٍ لِرَفِيقِهِ. قُلْتُ: وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهَا مَجَازٌ، وَالْعَلَاقَةُ الْمُصَاحِبَةُ.
خَاتِمَةٌ لَهُمْ مَجَازُ الْمَجَازِ، وَهُوَ أَنْ يُجْعَلَ الْمَجَازُ الْمَأْخُوذُ عَنِ الْحَقِيقَةِ بِمَثَابَةِ الْحَقِيقَةِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَجَازٍ آخَرَ، فَيَتَجَوَّزُ بِالْمَجَازِ الْأَوَّلِ عَنِ الثَّانِي لِعَلَاقَةٍ بَيْنَهُمَا، كَقَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=235وَلَكِنْ لا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا ، فَإِنَّهُ مَجَازٌ عَنْ مَجَازٍ، فَإِنَّ الْوَطْءَ تَجُوزُ عَنْهُ بِالسِّرِّ، لِكَوْنِهِ لَا يَقَعُ غَالِبًا إِلَّا فِي السِّرِّ، وَتَجُوزُ بِهِ عَنِ الْعَقْدِ، لِأَنَّهُ مُسَبِّبٌ عَنْهُ، فَالْمُصَحِّحُ لِلْمَجَازِ الْأَوَّلِ الْمُلَازَمَةُ وَالثَّانِي السَّبَبِيَّةُ. وَالْمَعْنَى لَا تُوَاعِدُوهُنَّ عَقْدَ نِكَاحٍ. وَكَذَا قَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=5وَمَنْ يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ ، فَإِنَّ قَوْلَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=19لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ مَجَازٌ عَنْ تَصْدِيقِ الْقَلْبِ بِمَدْلُولِ هَذَا اللَّفْظِ، وَالْعَلَاقَةِ السَّبَبِيَّةِ، لِأَنَّ تَوْحِيدَ اللِّسَانِ مُسَبِّبٌ عَنْ تَوْحِيدِ الْجِنَانِ، وَالتَّعْبِيرُ بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ عَنِ الْوَحْدَانِيَّةِ مِنْ مَجَازِ التَّعْبِيرِ بِالْقَوْلِ عَنِ الْمَقُولِ فِيهِ. وَجَعَلَ مِنْهُ
ابْنُ السَّيِّدِ قَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=26أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا ، فَإِنَّ الْمُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ لَيْسَ هُوَ نَفْسُ اللِّبَاسِ، بَلِ الْمَاءُ الْمُنْبِتُ لِلزَّرْعِ الْمُتَّخَذُ مِنْهُ الْغَزَلُ الْمَنْسُوجُ مِنْهُ اللِّبَاسُ.