nindex.php?page=treesubj&link=32443_28741الإعجاز العلمي
يخطئ كثير من الناس حين يحرصون على أن يتضمن القرآن الكريم كل نظرية .
[ ص: 262 ] [ ص: 263 ] والقرآن الكريم يجعل التفكير السديد والنظر الصائب في الكون وما فيه أعظم وسيلة من وسائل الإيمان بالله .
إنه يحث المسلم على التفكير في مخلوقات الله في السماء والأرض :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=190إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=191الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار .
ويحثه على التفكير في نفسه ، وفي الأرض التي يعمرها ، وفي الطبيعة التي تحيط به :
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=8أولم يتفكروا في أنفسهم ما خلق الله السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق وأجل مسمى .
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=20وفي الأرض آيات للموقنين nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=21وفي أنفسكم أفلا تبصرون .
nindex.php?page=tafseer&surano=88&ayano=17أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت nindex.php?page=tafseer&surano=88&ayano=18وإلى السماء كيف رفعت nindex.php?page=tafseer&surano=88&ayano=19وإلى الجبال كيف نصبت nindex.php?page=tafseer&surano=88&ayano=20وإلى الأرض كيف سطحت .
ويثير فيه الحس العلمي للتفكير والفهم والتعقل :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=219كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون .
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=21وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون .
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=24كذلك نفصل الآيات لقوم يتفكرون .
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=21إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون .
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=32كذلك نفصل الآيات لقوم يعلمون .
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=97قد فصلنا الآيات لقوم يعلمون .
[ ص: 264 ] nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=65انظر كيف نصرف الآيات لعلهم يفقهون .
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=98قد فصلنا الآيات لقوم يفقهون .
ويرفع القرآن مكانة المسلم بفضيلة العلم :
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=11يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات .
ولا يسوي بين عالم وجاهل :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=9قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون .
ويأمر المسلم أن يسأل ربه نعمة العلم :
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=114وقل رب زدني علما .
ويجمع الله علوم الفلك والنبات وطبقات الأرض والحيوان ويجعل ذلك من بواعث خشيته :
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=27ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فأخرجنا به ثمرات مختلفا ألوانها ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها وغرابيب سود nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=28ومن الناس والدواب والأنعام مختلف ألوانه كذلك إنما يخشى الله من عباده العلماء .
وهكذا فإن إعجاز القرآن العلمي في أنه يحث المسلمين على التفكير ، ويفتح لهم أبواب المعرفة ، ويدعوهم إلى ولوجها ، والتقدم فيها ، وقبول كل جديد راسخ من العلوم .
وفي القرآن مع هذا إشارات علمية سيقت مساق الهداية ، فالتلقيح في النبات : ذاتي وخلطي ، والذاتي : ما اشتملت زهرته على عضوي التذكير والتأنيث ، والخلطي : هو ما كان عضو التذكير فيه منفصلا عن عضو التأنيث كالنخيل ، فيكون التلقيح بالنقل . ومن وسائل ذلك الرياح ، وجاء في هذا قول الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=22وأرسلنا الرياح لواقح .
" والأوكسجين " ضروري لتنفس الإنسان ، ويقل في طبقات الجو العليا ، فكلما
[ ص: 265 ] ارتفع الإنسان في أجواء السماء أحس بضيق الصدر وصعوبة التنفس ، والله تعالى يقول :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=125فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء .
وقد ساد الاعتقاد بأن الذرة هي الجزء الذي لا يقبل التجزئة ، وفي القرآن :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=61وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين ، ولا أصغر من الذرة سوى تحطيم الذرة .
وفي علم الأجنة جاء قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=86&ayano=5فلينظر الإنسان مم خلق nindex.php?page=tafseer&surano=86&ayano=6خلق من ماء دافق nindex.php?page=tafseer&surano=86&ayano=7يخرج من بين الصلب والترائب .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=96&ayano=2خلق الإنسان من علق .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=5يا أيها الناس إن كنتم في ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة لنبين لكم ونقر في الأرحام ما نشاء إلى أجل مسمى ثم نخرجكم طفلا .
وفي وحدة الكون وحاجة الحياة إلى عنصر الماء يقول تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=30أولم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون .
تلك الإشارات العلمية ونظائرها في القرآن جاءت في سياق الهداية الإلهية ، وللعقل البشري أن يبحث فيها ويتدبر .
يقول الأستاذ
سيد قطب في تفسير قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=189يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج : " اتجه الجواب إلى واقع حياتهم العملي لا إلى مجرد العلم النظري ، وحدثهم عن وظيفة الأهلة في واقعهم وفي حياتهم ولم
[ ص: 266 ] يحدثهم عن الدورة الفلكية للقمر ، وكيف تتم ؟ وهي داخلة في مدلول السؤال . . إن القرآن قد جاء لما هو أكبر من تلك المعلومات الجزئية ، ولم يجئ ليكون كتاب علم فلكي ، أو كيماوي أو طبي . . كما يحاول بعض المتحمسين له أن يلتمسوا فيه هذه العلوم ، أو كما يحاول بعض الطاعنين فيه أن يلتمسوا مخالفاته لهذه العلوم .
إن كلتا المحاولتين دليل على سوء الإدراك لطبيعة هذا الكتاب ووظيفته ومجال عمله . إن مجاله هو النفس الإنسانية والحياة الإنسانية ، وإن وظيفته أن ينشئ تصورا عاما للوجود وارتباطه بخالقه ، ولوضع الإنسان في هذا الوجود وارتباطه بربه ، وأن يقيم على أساس هذا التصور نظاما للحياة يسمح للإنسان أن يستخدم كل طاقاته ومن بينها طاقته العقلية ، التي تقوم هي بعد تنشئتها على استقامة ، وإطلاق المجال لها لتعمل -بالبحث العلمي- في الحدود المتاحة للإنسان ، وبالتجريب والتطبيق ، وتصل إلى ما تصل إليه من نتائج ، ليست نهائية ولا مطلقة بطبيعة الحال . .
وإني لأعجب لسذاجة المتحمسين لهذا القرآن الذين يحاولون أن يضيفوا إليه ما ليس منه ، وأن يحملوا عليه ما لم يقصد إليه ، وأن يستخرجوا منه جزئيات في علوم الطب والكيمياء والفلك وما إليها . . كأنما ليعظموه بهذا ويكبروه . .
إن الحقائق القرآنية حقائق نهائية قاطعة مطلقة . . أما ما يصل إليه البحث الإنساني - أيا كانت الأدوات المتاحة له- فهي حقائق غير نهائية ولا قاطعة ، وهي مقيدة بحدود تجاربه وظروف هذه التجارب وأدواتها ، فمن الخطأ المنهجي -بحكم المنهج العلمي الإنساني ذاته- أن نعلق الحقائق النهائية القرآنية بحقائق غير نهائية ، وهي كل ما يصل إليه العلم البشري .
هذا بالقياس إلى الحقائق العلمية ، والأمر أوضح بالقياس إلى النظريات والفروض التي تسمى " علمية " . . فهي قابلة دائما للتغيير والتعديل والنقص والإضافة ، بل قابلة لأن تنقلب رأسا على عقب ، بظهور أداة كشف جديدة ، أو بتفسير جديد لمجموعة الملاحظات القديمة .
وكل محاولة لتعليق الإشارات القرآنية العامة بما يصل إليه العلم من نظريات
[ ص: 267 ] متجددة متغيرة -أو حتى بحقائق علمية ليست مطلقة كما أسلفنا- تحتوي أولا على خطأ منهجي أساسي ، كما أنها تنطوي على معان ثلاثة ، كلها لا يليق بجلال القرآن الكريم .
الأولى : هي الهزيمة الداخلية التي تخيل لبعض الناس أن العلم هو المهيمن والقرآن تابع ، ومن هنا يحاولون تثبيت القرآن بالعلم ، أو الاستدلال له من العلم ، على حين أن القرآن كتاب كامل في موضوعه ، ونهائي في حقائقه ، والعلم لا يزال في موضوعه ينقض اليوم ما أثبته بالأمس ، وكل ما يصل إليه غير نهائي ولا مطلق ; لأنه مقيد بوسط الإنسان وعقله وأدواته ، وكلها ليس من طبيعتها أن تعطي حقيقة واحدة نهائية مطلقة .
والثانية : سوء فهم طبيعة القرآن ووظيفته . وهي أنه حقيقة نهائية مطلقة تعالج بناء الإنسان بناء يتفق -بقدر ما تسمح طبيعة الإنسان النسبية- مع طبيعة هذا الوجود وناموسه الإلهي ، حتى لا يصطدم الإنسان بالكون من حوله ، بل يصادقه ويعرف بعض أسراره ، ويستخدم بعض نواميسه من خلافته ، نواميسه التي تكشف له بالنظر والبحث والتجريب والتطبيق ، وفق ما يهديه إليه عقله الموهوب له ليعمل لا ليتسلم المعلومات المادية جاهزة .
والثالثة : هي التأويل المستمر -مع التمحل والتكلف- لنصوص القرآن كي نحملها ونلهث بها وراء الفروض والنظريات التي لا تثبت ولا تستقر ، وكل يوم يجد فيها جديد “ . "
nindex.php?page=treesubj&link=32443_28741الْإِعْجَازُ الْعِلْمِيُّ
يُخْطِئُ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ حِينَ يَحْرِصُونَ عَلَى أَنْ يَتَضَمَّنَ الْقُرْآنُ الْكَرِيمُ كُلَّ نَظَرِيَّةٍ .
[ ص: 262 ] [ ص: 263 ] وَالْقُرْآنُ الْكَرِيمُ يَجْعَلُ التَّفْكِيرَ السَّدِيدَ وَالنَّظَرَ الصَّائِبَ فِي الْكَوْنِ وَمَا فِيهِ أَعْظَمَ وَسِيلَةٍ مِنْ وَسَائِلِ الْإِيمَانِ بِاللَّهِ .
إِنَّهُ يُحِثُّ الْمُسْلِمَ عَلَى التَّفْكِيرِ فِي مَخْلُوقَاتِ اللَّهِ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=190إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُولِي الأَلْبَابِ nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=191الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ .
وَيُحِثُّهُ عَلَى التَّفْكِيرِ فِي نَفْسِهِ ، وَفِي الْأَرْضِ الَّتِي يُعَمِّرُهَا ، وَفِي الطَّبِيعَةِ الَّتِي تُحِيطُ بِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=8أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى .
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=20وَفِي الأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=21وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ .
nindex.php?page=tafseer&surano=88&ayano=17أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ nindex.php?page=tafseer&surano=88&ayano=18وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ nindex.php?page=tafseer&surano=88&ayano=19وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ nindex.php?page=tafseer&surano=88&ayano=20وَإِلَى الأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ .
وَيُثِيرُ فِيهِ الْحِسَّ الْعِلْمِيَّ لِلتَّفْكِيرِ وَالْفَهْمِ وَالتَّعَقُّلِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=219كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ .
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=21وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ .
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=24كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ .
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=21إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ .
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=32كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ .
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=97قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ .
[ ص: 264 ] nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=65انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ .
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=98قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ .
وَيَرْفَعُ الْقُرْآنُ مَكَانَةَ الْمُسْلِمِ بِفَضِيلَةِ الْعِلْمِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=11يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ .
وَلَا يُسَوِّي بَيْنَ عَالِمٍ وَجَاهِلٍ :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=9قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ .
وَيَأْمُرُ الْمُسْلِمَ أَنْ يَسْأَلَ رَبَّهُ نِعْمَةَ الْعِلْمِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=114وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا .
وَيَجْمَعُ اللَّهُ عُلُومَ الْفَلَكِ وَالنَّبَاتِ وَطَبَقَاتِ الْأَرْضِ وَالْحَيَوَانِ وَيَجْعَلُ ذَلِكَ مِنْ بَوَاعِثِ خَشْيَتِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=27أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=28وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ .
وَهَكَذَا فَإِنَّ إِعْجَازَ الْقُرْآنِ الْعِلْمِيَّ فِي أَنَّهُ يُحِثُّ الْمُسْلِمِينَ عَلَى التَّفْكِيرِ ، وَيَفْتَحُ لَهُمْ أَبْوَابَ الْمَعْرِفَةِ ، وَيَدْعُوهُمْ إِلَى وُلُوجِهَا ، وَالتَّقَدُّمِ فِيهَا ، وَقَبُولِ كُلِّ جَدِيدٍ رَاسِخٍ مِنَ الْعُلُومِ .
وَفِي الْقُرْآنِ مَعَ هَذَا إِشَارَاتٌ عِلْمِيَّةٌ سِيقَتْ مَسَاقَ الْهِدَايَةِ ، فَالتَّلْقِيحُ فِي النَّبَاتِ : ذَاتِيٌّ وَخَلْطِيٌّ ، وَالذَّاتِيُّ : مَا اشْتَمَلَتْ زَهْرَتُهُ عَلَى عُضْوَيِ التَّذْكِيرِ وَالتَّأْنِيثِ ، وَالْخَلْطِيُّ : هُوَ مَا كَانَ عُضْوُ التَّذْكِيرِ فِيهِ مُنْفَصِلًا عَنْ عُضْوِ التَّأْنِيثِ كَالنَّخِيلِ ، فَيَكُونُ التَّلْقِيحُ بِالنَّقْلِ . وَمِنْ وَسَائِلَ ذَلِكَ الرِّيَاحُ ، وَجَاءَ فِي هَذَا قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=22وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ .
" وَالْأُوكْسِجِينُ " ضَرُورِيٌّ لِتَنَفُّسِ الْإِنْسَانِ ، وَيَقِلُّ فِي طَبَقَاتِ الْجَوِّ الْعُلْيَا ، فَكُلَّمَا
[ ص: 265 ] ارْتَفَعَ الْإِنْسَانُ فِي أَجْوَاءِ السَّمَاءِ أَحَسَّ بِضِيقِ الصَّدْرِ وَصُعُوبَةِ التَّنَفُّسِ ، وَاللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=125فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدِ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ .
وَقَدْ سَادَ الِاعْتِقَادُ بِأَنَّ الذَّرَّةَ هِيَ الْجُزْءُ الَّذِي لَا يَقْبَلُ التَّجْزِئَةَ ، وَفِي الْقُرْآنِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=61وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ، وَلَا أَصْغَرَ مِنَ الذَّرَّةِ سِوَى تَحْطِيمِ الذَّرَّةِ .
وَفِي عِلْمِ الْأَجِنَّةِ جَاءَ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=86&ayano=5فَلْيَنْظُرِ الإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ nindex.php?page=tafseer&surano=86&ayano=6خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ nindex.php?page=tafseer&surano=86&ayano=7يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ .
وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=96&ayano=2خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ .
وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=5يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنَ تُرَابٍ ثُمَّ مِنَ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنَ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنَ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلا .
وَفِي وَحْدَةِ الْكَوْنِ وَحَاجَةِ الْحَيَاةِ إِلَى عُنْصُرِ الْمَاءِ يَقُولُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=30أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ .
تِلْكَ الْإِشَارَاتُ الْعِلْمِيَّةُ وَنَظَائِرُهَا فِي الْقُرْآنِ جَاءَتْ فِي سِيَاقِ الْهِدَايَةِ الْإِلَهِيَّةِ ، وَلِلْعَقْلِ الْبَشَرِيِّ أَنْ يَبْحَثَ فِيهَا وَيَتَدَبَّرَ .
يَقُولُ الْأُسْتَاذُ
سَيِّد قُطْب فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=189يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ : " اتَّجَهَ الْجَوَابُ إِلَى وَاقِعِ حَيَاتِهِمُ الْعَمَلِيِّ لَا إِلَى مُجَرَّدِ الْعِلْمِ النَّظَرِيِّ ، وَحَدَّثَهُمْ عَنْ وَظِيفَةِ الْأَهِلَّةِ فِي وَاقِعِهِمْ وَفِي حَيَاتِهِمْ وَلَمْ
[ ص: 266 ] يُحَدِّثْهُمْ عَنِ الدَّوْرَةِ الْفَلَكِيَّةِ لِلْقَمَرِ ، وَكَيْفَ تَتِمُّ ؟ وَهِيَ دَاخِلَةٌ فِي مَدْلُولِ السُّؤَالِ . . إِنَّ الْقُرْآنَ قَدْ جَاءَ لِمَا هُوَ أَكْبَرُ مِنْ تِلْكَ الْمَعْلُومَاتِ الْجُزْئِيَّةِ ، وَلَمْ يَجِئْ لِيَكُونَ كِتَابَ عِلْمٍ فَلَكِيٍّ ، أَوْ كِيمَاوِيٍّ أَوْ طِبِّيٍّ . . كَمَا يُحَاوِلُ بَعْضُ الْمُتَحَمِّسِينَ لَهُ أَنْ يَلْتَمِسُوا فِيهِ هَذِهِ الْعُلُومَ ، أَوْ كَمَا يُحَاوِلُ بَعْضُ الطَّاعِنِينَ فِيهِ أَنْ يَلْتَمِسُوا مُخَالَفَاتِهِ لِهَذِهِ الْعُلُومِ .
إِنَّ كِلْتَا الْمُحَاوَلَتَيْنِ دَلِيلٌ عَلَى سُوءِ الْإِدْرَاكِ لِطَبِيعَةِ هَذَا الْكِتَابِ وَوَظِيفَتِهِ وَمَجَالِ عَمَلِهِ . إِنَّ مَجَالَهُ هُوَ النَّفْسُ الْإِنْسَانِيَّةُ وَالْحَيَاةُ الْإِنْسَانِيَّةُ ، وَإِنَّ وَظِيفَتَهُ أَنْ يُنْشِئَ تَصَوُّرًا عَامًّا لِلْوُجُودِ وَارْتِبَاطَهُ بِخَالِقِهِ ، وَلِوَضْعِ الْإِنْسَانِ فِي هَذَا الْوُجُودِ وَارْتِبَاطِهِ بِرَبِّهِ ، وَأَنَّ يُقِيمَ عَلَى أَسَاسِ هَذَا التَّصَوُّرِ نِظَامًا لِلْحَيَاةِ يَسْمَحُ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَسْتَخْدِمَ كُلَّ طَاقَاتِهِ وَمِنْ بَيْنِهَا طَاقَتُهُ الْعَقْلِيَّةُ ، الَّتِي تَقُومُ هِيَ بَعْدَ تَنْشِئَتِهَا عَلَى اسْتِقَامَةٍ ، وَإِطْلَاقِ الْمَجَالِ لَهَا لِتَعْمَلَ -بِالْبَحْثِ الْعِلْمِيِّ- فِي الْحُدُودِ الْمُتَاحَةِ لِلْإِنْسَانِ ، وَبِالتَّجْرِيبِ وَالتَّطْبِيقِ ، وَتَصِلُ إِلَى مَا تَصِلُ إِلَيْهِ مِنْ نَتَائِجَ ، لَيْسَتْ نِهَائِيَّةً وَلَا مُطْلَقَةً بِطَبِيعَةِ الْحَالِ . .
وَإِنِّي لَأَعْجَبُ لِسَذَاجَةِ الْمُتَحَمِّسِينَ لِهَذَا الْقُرْآنِ الَّذِينَ يُحَاوِلُونَ أَنْ يُضِيفُوا إِلَيْهِ مَا لَيْسَ مِنْهُ ، وَأَنْ يُحَمِّلُوا عَلَيْهِ مَا لَمْ يَقْصِدْ إِلَيْهِ ، وَأَنْ يَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ جُزْئِيَّاتٍ فِي عُلُومِ الطِّبِّ وَالْكِيمْيَاءِ وَالْفَلَكِ وَمَا إِلَيْهَا . . كَأَنَّمَا لِيُعَظِّمُوهُ بِهَذَا وَيُكَبِّرُوهُ . .
إِنَّ الْحَقَائِقَ الْقُرْآنِيَّةَ حَقَائِقُ نِهَائِيَّةٌ قَاطِعَةٌ مُطْلَقَةٌ . . أَمَّا مَا يَصِلُ إِلَيْهِ الْبَحْثُ الْإِنْسَانِيُّ - أَيًّا كَانَتِ الْأَدَوَاتُ الْمُتَاحَةُ لَهُ- فَهِيَ حَقَائِقُ غَيْرُ نِهَائِيَّةٍ وَلَا قَاطِعَةٍ ، وَهِيَ مُقَيَّدَةٌ بِحُدُودِ تَجَارِبِهِ وَظُرُوفِ هَذِهِ التَّجَارِبِ وَأَدَوَاتِهَا ، فَمِنَ الْخَطَأِ الْمَنْهَجِيِّ -بِحُكْمِ الْمَنْهَجِ الْعِلْمِيِّ الْإِنْسَانِيِّ ذَاتِهِ- أَنْ نُعَلِّقَ الْحَقَائِقَ النِّهَائِيَّةَ الْقُرْآنِيَّةَ بِحَقَائِقَ غَيْرِ نِهَائِيَّةٍ ، وَهِيَ كُلُّ مَا يَصِلُ إِلَيْهِ الْعِلْمُ الْبَشَرِيُّ .
هَذَا بِالْقِيَاسِ إِلَى الْحَقَائِقِ الْعِلْمِيَّةِ ، وَالْأَمْرُ أَوْضَحُ بِالْقِيَاسِ إِلَى النَّظَرِيَّاتِ وَالْفُرُوضِ الَّتِي تُسَمَّى " عِلْمِيَّةً " . . فَهِيَ قَابِلَةٌ دَائِمًا لِلتَّغْيِيرِ وَالتَّعْدِيلِ وَالنَّقْصِ وَالْإِضَافَةِ ، بَلْ قَابِلَةٌ لِأَنْ تَنْقَلِبَ رَأْسًا عَلَى عَقِبٍ ، بِظُهُورِ أَدَاةِ كَشْفٍ جَدِيدَةٍ ، أَوْ بِتَفْسِيرٍ جَدِيدٍ لِمَجْمُوعَةِ الْمُلَاحَظَاتِ الْقَدِيمَةِ .
وَكُلُّ مُحَاوَلَةٍ لِتَعْلِيقِ الْإِشَارَاتِ الْقُرْآنِيَّةِ الْعَامَّةِ بِمَا يَصِلُ إِلَيْهِ الْعِلْمُ مِنْ نَظَرِيَّاتٍ
[ ص: 267 ] مُتَجَدِّدَةٍ مُتَغَيِّرَةٍ -أَوْ حَتَّى بِحَقَائِقَ عِلْمِيَّةٍ لَيْسَتْ مُطْلَقَةً كَمَا أَسْلَفْنَا- تَحْتَوِي أَوَّلًا عَلَى خَطَأٍ مَنْهَجِيٍّ أَسَاسِيٍّ ، كَمَا أَنَّهَا تَنْطَوِي عَلَى مَعَانٍ ثَلَاثَةٍ ، كُلُّهَا لَا يَلِيقُ بِجَلَالِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ .
الْأُولَى : هِيَ الْهَزِيمَةُ الدَّاخِلِيَّةُ الَّتِي تُخَيِّلُ لِبَعْضِ النَّاسِ أَنَّ الْعِلْمَ هُوَ الْمُهَيْمِنُ وَالْقُرْآنَ تَابِعٌ ، وَمِنْ هُنَا يُحَاوِلُونَ تَثْبِيتَ الْقُرْآنِ بِالْعِلْمِ ، أَوِ الِاسْتِدْلَالَ لَهُ مِنَ الْعِلْمِ ، عَلَى حِينِ أَنَّ الْقُرْآنَ كِتَابٌ كَامِلٌ فِي مَوْضُوعِهِ ، وَنِهَائِيٌّ فِي حَقَائِقِهِ ، وَالْعِلْمُ لَا يَزَالُ فِي مَوْضُوعِهِ يَنْقُضَ الْيَوْمَ مَا أَثْبَتَهُ بِالْأَمْسِ ، وَكُلُّ مَا يَصِلُ إِلَيْهِ غَيْرُ نِهَائِيٍّ وَلَا مُطْلَقٍ ; لِأَنَّهُ مُقَيَّدٌ بِوَسَطِ الْإِنْسَانِ وَعَقْلِهِ وَأَدَوَاتِهِ ، وَكُلُّهَا لَيْسَ مِنْ طَبِيعَتِهَا أَنْ تُعْطِيَ حَقِيقَةً وَاحِدَةً نِهَائِيَّةً مُطْلَقَةً .
وَالثَّانِيَةُ : سُوءُ فَهْمِ طَبِيعَةِ الْقُرْآنِ وَوَظِيفَتِهِ . وَهِيَ أَنَّهُ حَقِيقَةٌ نِهَائِيَّةٌ مُطْلَقَةٌ تُعَالِجُ بِنَاءَ الْإِنْسَانِ بِنَاءً يَتَّفِقُ -بِقَدْرِ مَا تَسْمَحُ طَبِيعَةُ الْإِنْسَانِ النِّسْبِيَّةُ- مَعَ طَبِيعَةِ هَذَا الْوُجُودِ وَنَامُوسِهِ الْإِلَهِيِّ ، حَتَّى لَا يَصْطَدِمَ الْإِنْسَانُ بِالْكَوْنِ مِنْ حَوْلِهِ ، بَلْ يُصَادِقُهُ وَيَعْرِفُ بَعْضَ أَسْرَارِهِ ، وَيَسْتَخْدِمُ بَعْضَ نَوَامِيسِهِ مِنْ خِلَافَتِهِ ، نَوَامِيسِهِ الَّتِي تَكْشِفُ لَهُ بِالنَّظَرِ وَالْبَحْثِ وَالتَّجْرِيبِ وَالتَّطْبِيقِ ، وَفْقَ مَا يَهْدِيهِ إِلَيْهِ عَقْلُهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ لِيَعْمَلَ لَا لِيَتَسَلَّمَ الْمَعْلُومَاتِ الْمَادِّيَّةَ جَاهِزَةً .
وَالثَّالِثَةُ : هِيَ التَّأْوِيلُ الْمُسْتَمِرُّ -مَعَ التَّمَحُّلِ وَالتَّكَلُّفِ- لِنُصُوصِ الْقُرْآنِ كَيْ نَحْمِلَهَا وَنَلْهَثَ بِهَا وَرَاءَ الْفُرُوضِ وَالنَّظَرِيَّاتِ الَّتِي لَا تَثْبُتُ وَلَا تَسْتَقِرُّ ، وَكُلُّ يَوْمٍ يَجِدُّ فِيهَا جَدِيدٌ “ . "