تفسير الصوفية
إذا أريد بالتصوف السلوك التعبدي المشروع الذي تصفو به النفس ، وترغب عن زينة الدنيا بالزهد والتقشف ، والعبادة . . فذلك أمر لا غبار عليه إن لم يكن مرغوبا فيه . ولكن التصوف أصبح فلسفة نظرية خاصة لا صلة لها بالورع والتقوى والتقشف ، واشتملت فلسفته على أفكار تتنافى مع الإسلام وعقيدته . وهذا هو الذي نعنيه هنا ، وهو الذي كان له أثره في تفسير القرآن .
ويعتبر زعيم التصوف الفلسفي النظري وهو يفسر الآيات القرآنية تفسيرا يتفق مع نظرياته الصوفية سواء أكان ذلك في التفسير المشهور باسمه ، أو في الكتب التي تنسب إليه كالفصوص ، وهو من أصحاب نظرية وحدة الوجود . ابن عربي
فهو يفسر مثلا قوله تعالى في شأن إدريس عليه السلام : ورفعناه مكانا عليا ، بقوله : " وأعلى الأمكنة المكان الذي يدور عليه رحى عالم الأفلاك ، وهو فلك الشمس ، وفيه مقام روحانية إدريس . . ثم يقول : وأما علو المكانة فهو لنا أعني المحمديين ، كما قال تعالى : وأنتم الأعلون والله معكم ، في هذا العلو وهو يتعالى عن المكان لا عن المكانة " .
ويقول في تفسير قوله تعالى في سورة النساء : يا أيها الناس اتقوا [ ص: 347 ] ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة ، : " اتقوا ربكم : اجعلوا ما ظهر منكم وقاية لربكم ، واجعلوا ما بطن منكم -وهو ربكم- وقاية لكم ، فإن الأمر ذم وحمد ، فكونوا وقاية في الذم ، واجعلوه وقايتكم في الحمد تكونوا أدباء عالمين “ .
فهذا التفسير ونظائره يحمل النصوص على غير ظاهرها ، ويغرق في التأويلات الباطنية البعيدة ، ويجر إلى متاهات من الإلحاد والزيغ . "