nindex.php?page=treesubj&link=20751_21368الفرق بين القرآن والحديث القدسي :
هناك عدة فروق بين القرآن الكريم والحديث القدسي أهمها :
1- أن القرآن الكريم كلام الله أوحى به إلى رسول الله بلفظه ، وتحدى به العرب ، فعجزوا عن أن يأتوا بمثله ، أو بعشر سور مثله ، أو بسورة من مثله ، ولا يزال التحدي به قائما ، فهو معجزة خالدة إلى يوم الدين .
والحديث القدسي لم يقع به التحدي والإعجاز .
2- والقرآن الكريم لا ينسب إلا إلى الله تعالى ، فيقال : قال الله تعالى .
والحديث القدسي -كما سبق- قد يروى مضافا إلى الله وتكون النسبة إليه حينئذ نسبة إنشاء فيقال : قال الله تعالى ، أو : يقول الله تعالى ، وقد يروى مضافا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وتكون النسبة حينئذ نسبة إخبار لأنه عليه
[ ص: 21 ] الصلاة والسلام هو المخبر به عن الله ، فيقال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيما يرويه عن ربه عز وجل .
3- والقرآن الكريم جميعه منقول بالتواتر ، فهو قطعي الثبوت ، والأحاديث القدسية أكثرها أخبار آحاد ، فهي ظنية الثبوت . وقد يكون الحديث القدسي صحيحا ، وقد يكون حسنا ، وقد يكون ضعيفا .
4- والقرآن الكريم من عند الله لفظا ومعنى ، فهو وحي باللفظ والمعنى .
والحديث القدسي معناه من عند الله ، ولفظه من عند الرسول -صلى الله عليه وسلم- على الصحيح فهو وحي بالمعنى دون اللفظ ، ولذا تجوز روايته بالمعنى عند جمهور المحدثين .
5- والقرآن الكريم متعبد بتلاوته ، فهو الذي تتعين القراءة به في الصلاة :
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=20فاقرءوا ما تيسر من القرآن ، وقراءته عبادة يثيب الله عليها بما جاء في الحديث :
nindex.php?page=hadith&LINKID=665205 " من قرأ حرفا من كتاب الله تعالى فله حسنة ، والحسنة بعشر أمثالها ، لا أقول " الم " حرف ، ولكن ألف حرف ، ولام حرف ، وميم حرف “ .
والحديث القدسي لا يجزئ في الصلاة ، ويثيب الله على قراءته ثوابا عاما ، فلا يصدق فيه الثواب الذي ورد ذكره في الحديث على قراءة القرآن ، بكل حرف عشر حسنات .
الفرق بين الحديث القدسي والحديث النبوي
الحديث النبوي قسمان :
" قسم توقيفي " وهو الذي تلقى الرسول -صلى الله عليه وسلم- مضمونه من الوحي فبينه للناس بكلامه ، وهذا القسم وإن كان مضمونه منسوبا إلى الله فإنه -من حيث هو كلام- حري بأن ينسب إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- لأن الكلام إنما ينسب إلى قائله وإن كان ما فيه من المعنى قد تلقاه عن غيره .
[ ص: 22 ] و " قسم توفيقي " وهو الذي استنبطه الرسول -صلى الله عليه وسلم- من فهمه للقرآن ، لأنه مبين له ، أو استنبطه بالتأمل والاجتهاد . وهذا القسم الاستنباطي الاجتهادي يقره الوحي إذا كان صوابا ، وإذا وقع فيه خطأ جزئي نزل الوحي بما فيه الصواب ، وليس هذا القسم كلام الله قطعا .
ويتبين من ذلك : أن الأحاديث النبوية بقسميها : التوقيفي ، والتوفيقي الاجتهادي الذي أقره الوحي ، يمكن أن يقال فيها إن مردها جميعا بجملتها إلى الوحي ، وهذا معنى قوله تعالى في رسولنا صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=3وما ينطق عن الهوى nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=4إن هو إلا وحي يوحى . .
والحديث القدسي معناه من عند الله عز وجل ، يلقى إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- بكيفية من كيفيات الوحي -لا على التعيين- أما ألفاظه فمن عند الرسول -صلى الله عليه وسلم- على الراجح ونسبته إلى الله تعالى نسبة لمضمونه لا نسبة لألفاظه ، ولو كان لفظه من عند الله لما كان هناك فرق بينه وبين القرآن ، ولوقع التحدي بأسلوبه والتعبد بتلاوته .
ويرد على هذا شبهتان!
الشبهة الأولى : أن الحديث النبوي وحي بالمعنى كذلك ، واللفظ من الرسول -صلى الله عليه وسلم- فلماذا لا نسميه قدسيا أيضا ؟
والجواب : أننا نقطع في الحديث القدسي بنزول معناه من عند الله لورود النص الشرعي على نسبته إلى الله بقوله صلى الله عليه وسلم : " قال الله تعالى ، أو يقول الله تعالى " ولذا سميناه قدسيا ، بخلاف الأحاديث النبوية فإنها لم يرد فيها مثل هذا النص ، ويجوز في كل واحد منها أن يكون مضمونه معلما بالوحي " أي توقيفيا " وأن يكون مستنبطا بالاجتهاد " أي توفيقيا " ولذا سمينا الكل نبويا وقوفا بالتسمية عند الحد المقطوع به ، ولو كان لدينا ما يميز الوحي التوقيفي لسميناه قدسيا كذلك .
[ ص: 23 ] الشبهة الثانية : أنه إذا كان لفظ الحديث القدسي من الرسول -صلى الله عليه وسلم- فما وجه نسبته إلى الله بقوله صلى الله عليه وسلم : " قال الله تعالى ، أو يقول الله تعالى " .
والجواب : أن هذا سائغ في العربية ، حيث ينسب الكلام باعتبار مضمونه لا باعتبار ألفاظه ، فأنت تقول حينما تنثر بيتا من الشعر : يقول الشاعر كذا ، وحينما تحكي ما سمعته من شخص : يقول فلان كذا ، وقد حكى القرآن الكريم عن
موسى وفرعون وغيرهما مضمون كلامهم بألفاظ غير ألفاظهم ، وأسلوب غير أسلوبهم ، ونسب ذلك إليهم :
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=10وإذ نادى ربك موسى أن ائت القوم الظالمين nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=11قوم فرعون ألا يتقون nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=12قال رب إني أخاف أن يكذبون nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=13ويضيق صدري ولا ينطلق لساني فأرسل إلى هارون nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=14ولهم علي ذنب فأخاف أن يقتلون nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=15قال كلا فاذهبا بآياتنا إنا معكم مستمعون nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=16فأتيا فرعون فقولا إنا رسول رب العالمين nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=17أن أرسل معنا بني إسرائيل nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=18قال ألم نربك فينا وليدا ولبثت فينا من عمرك سنين nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=19وفعلت فعلتك التي فعلت وأنت من الكافرين nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=20قال فعلتها إذا وأنا من الضالين nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=21ففررت منكم لما خفتكم فوهب لي ربي حكما وجعلني من المرسلين nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=22وتلك نعمة تمنها علي أن عبدت بني إسرائيل nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=23قال فرعون وما رب العالمين nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=24قال رب السماوات والأرض وما بينهما إن كنتم موقنين .
"
nindex.php?page=treesubj&link=20751_21368الْفَرْقُ بَيْنَ الْقُرْآنِ وَالْحَدِيثِ الْقُدْسِيِّ :
هُنَاكَ عِدَّةُ فُرُوقٍ بَيْنَ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ وَالْحَدِيثِ الْقُدْسِيِّ أَهَمُّهَا :
1- أَنَّ الْقُرْآنَ الْكَرِيمَ كَلَامُ اللَّهِ أَوْحَى بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ بِلَفْظِهِ ، وَتَحَدَّى بِهِ الْعَرَبَ ، فَعَجَزُوا عَنْ أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِهِ ، أَوْ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ ، أَوْ بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ ، وَلَا يَزَالُ التَّحَدِّي بِهِ قَائِمًا ، فَهُوَ مُعْجِزَةٌ خَالِدَةٌ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ .
وَالْحَدِيثُ الْقُدْسِيُّ لَمْ يَقَعْ بِهِ التَّحَدِّي وَالْإِعْجَازُ .
2- وَالْقُرْآنُ الْكَرِيمُ لَا يُنْسَبُ إِلَّا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى ، فَيُقَالُ : قَالَ اللَّهُ تَعَالَى .
وَالْحَدِيثُ الْقُدْسِيُّ -كَمَا سَبَقَ- قَدْ يُرْوَى مُضَافًا إِلَى اللَّهِ وَتَكُونُ النِّسْبَةُ إِلَيْهِ حِينَئِذٍ نِسْبَةَ إِنْشَاءٍ فَيُقَالُ : قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ، أَوْ : يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى ، وَقَدْ يُرْوَى مُضَافًا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَتَكُونُ النِّسْبَةُ حِينَئِذٍ نِسْبَةَ إِخْبَارٍ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ
[ ص: 21 ] الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ هُوَ الْمُخْبِرُ بِهِ عَنِ اللَّهِ ، فَيُقَالُ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِيمَا يَرْوِيهِ عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ .
3- وَالْقُرْآنُ الْكَرِيمُ جَمِيعُهُ مَنْقُولٌ بِالتَّوَاتُرِ ، فَهُوَ قَطْعِيُّ الثُّبُوتِ ، وَالْأَحَادِيثُ الْقُدْسِيَّةُ أَكْثَرُهَا أَخْبَارُ آحَادٍ ، فَهِيَ ظَنِّيَّةُ الثُّبُوتِ . وَقَدْ يَكُونُ الْحَدِيثُ الْقُدْسِيُّ صَحِيحًا ، وَقَدْ يَكُونُ حَسَنًا ، وَقَدْ يَكُونُ ضَعِيفًا .
4- وَالْقُرْآنُ الْكَرِيمُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لَفْظًا وَمَعْنًى ، فَهُوَ وَحْيٌ بِاللَّفْظِ وَالْمَعْنَى .
وَالْحَدِيثُ الْقُدْسِيُّ مَعْنَاهُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ، وَلَفْظُهُ مِنْ عِنْدِ الرَّسُولِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى الصَّحِيحِ فَهُوَ وَحْيٌ بِالْمَعْنَى دُونَ اللَّفْظِ ، وَلِذَا تَجُوزُ رِوَايَتُهُ بِالْمَعْنَى عِنْدَ جُمْهُورِ الْمُحَدِّثِينَ .
5- وَالْقُرْآنُ الْكَرِيمُ مُتَعَبَّدٌ بِتِلَاوَتِهِ ، فَهُوَ الَّذِي تَتَعَيَّنُ الْقِرَاءَةُ بِهِ فِي الصَّلَاةِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=20فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ ، وَقِرَاءَتُهُ عِبَادَةٌ يُثِيبُ اللَّهُ عَلَيْهَا بِمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=665205 " مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى فَلَهُ حَسَنَةٌ ، وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا ، لَا أَقُولُ " الم " حَرْفٌ ، وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ ، وَلَامٌ حَرْفٌ ، وَمِيمٌ حَرْفٌ “ .
وَالْحَدِيثُ الْقُدْسِيُّ لَا يُجْزِئُ فِي الصَّلَاةِ ، وَيُثِيبُ اللَّهُ عَلَى قِرَاءَتِهِ ثَوَابًا عَامًّا ، فَلَا يَصْدُقُ فِيهِ الثَّوَابُ الَّذِي وَرَدَ ذِكْرُهُ فِي الْحَدِيثِ عَلَى قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ ، بِكُلِّ حَرْفٍ عَشْرُ حَسَنَاتٍ .
الْفَرْقُ بَيْنَ الْحَدِيثِ الْقُدْسِيِّ وَالْحَدِيثِ النَّبَوِيِّ
الْحَدِيثُ النَّبَوِيُّ قِسْمَانِ :
" قِسْمٌ تَوْقِيفِيٌّ " وَهُوَ الَّذِي تَلَقَّى الرَّسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَضْمُونَهُ مِنَ الْوَحْيِ فَبَيَّنَهُ لِلنَّاسِ بِكَلَامِهِ ، وَهَذَا الْقِسْمُ وَإِنْ كَانَ مَضْمُونُهُ مَنْسُوبًا إِلَى اللَّهِ فَإِنَّهُ -مِنْ حَيْثُ هُوَ كَلَامٌ- حَرِيُّ بِأَنْ يُنْسَبَ إِلَى الرَّسُولِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِأَنَّ الْكَلَامَ إِنَّمَا يُنْسَبُ إِلَى قَائِلِهِ وَإِنْ كَانَ مَا فِيهِ مِنَ الْمَعْنَى قَدْ تَلَقَّاهُ عَنْ غَيْرِهِ .
[ ص: 22 ] وَ " قِسْمٌ تَوْفِيقِيٌّ " وَهُوَ الَّذِي اسْتَنْبَطَهُ الرَّسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ فَهْمِهِ لِلْقُرْآنِ ، لِأَنَّهُ مُبَيِّنٌ لَهُ ، أَوِ اسْتَنْبَطَهُ بِالتَّأَمُّلِ وَالِاجْتِهَادِ . وَهَذَا الْقِسْمُ الِاسْتِنْبَاطِيُّ الِاجْتِهَادِيُّ يُقِرُّهُ الْوَحْيُ إِذَا كَانَ صَوَابًا ، وَإِذَا وَقَعَ فِيهِ خَطَأٌ جُزْئِيٌّ نَزَلَ الْوَحْيُ بِمَا فِيهِ الصَّوَابُ ، وَلَيْسَ هَذَا الْقِسْمُ كَلَامَ اللَّهِ قَطْعًا .
وَيَتَبَيَّنُ مِنْ ذَلِكَ : أَنَّ الْأَحَادِيثَ النَّبَوِيَّةَ بِقِسْمَيْهَا : التَّوْقِيفِيُّ ، وَالتَّوْفِيقِيُّ الِاجْتِهَادِيُّ الَّذِي أَقَرَّهُ الْوَحْيُ ، يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ فِيهَا إِنَّ مَرَدَّهَا جَمِيعًا بِجُمْلَتِهَا إِلَى الْوَحْيِ ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى فِي رَسُولِنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=3وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=4إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى . .
وَالْحَدِيثُ الْقُدْسِيُّ مَعْنَاهُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، يُلْقَى إِلَى الرَّسُولِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِكَيْفِيَّةٍ مِنْ كَيْفِيَّاتِ الْوَحْيِ -لَا عَلَى التَّعْيِينِ- أَمَّا أَلْفَاظُهُ فَمِنْ عِنْدِ الرَّسُولِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى الرَّاجِحِ وَنِسْبَتُهُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى نِسْبَةٌ لِمَضْمُونِهِ لَا نِسْبَةٌ لِأَلْفَاظِهِ ، وَلَوْ كَانَ لَفْظُهُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لَمَا كَانَ هُنَاكَ فَرْقٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقُرْآنِ ، وَلَوَقَعَ التَّحَدِّي بِأُسْلُوبِهِ وَالتَّعَبُّدُ بِتِلَاوَتِهِ .
وَيَرُدُّ عَلَى هَذَا شُبْهَتَانِ!
الشُّبْهَةُ الْأُولَى : أَنَّ الْحَدِيثَ النَّبَوِيَّ وَحْيٌ بِالْمَعْنَى كَذَلِكَ ، وَاللَّفْظُ مِنَ الرَّسُولِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلِمَاذَا لَا نُسَمِّيهِ قُدْسِيًّا أَيْضًا ؟
وَالْجَوَابُ : أَنَّنَا نَقْطَعُ فِي الْحَدِيثِ الْقُدْسِيِّ بِنُزُولِ مَعْنَاهُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِوُرُودِ النَّصِّ الشَّرْعِيِّ عَلَى نِسْبَتِهِ إِلَى اللَّهِ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ، أَوْ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى " وَلِذَا سَمَّيْنَاهُ قُدْسِيًّا ، بِخِلَافِ الْأَحَادِيثِ النَّبَوِيَّةِ فَإِنَّهَا لَمْ يَرِدْ فِيهَا مِثْلُ هَذَا النَّصِّ ، وَيَجُوزُ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا أَنْ يَكُونَ مَضْمُونُهُ مُعَلَّمًا بِالْوَحْيِ " أَيْ تَوْقِيفِيًّا " وَأَنْ يَكُونَ مُسْتَنْبَطًا بِالِاجْتِهَادِ " أَيْ تَوْفِيقِيًّا " وَلِذَا سَمَّيْنَا الْكُلَّ نَبَوِيًّا وُقُوفًا بِالتَّسْمِيَةِ عِنْدَ الْحَدِّ الْمَقْطُوعِ بِهِ ، وَلَوْ كَانَ لَدَيْنَا مَا يُمَيِّزُ الْوَحْيَ التَّوْقِيفِيَّ لَسَمَّيْنَاهُ قُدْسِيًّا كَذَلِكَ .
[ ص: 23 ] الشُّبْهَةُ الثَّانِيَةُ : أَنَّهُ إِذَا كَانَ لَفْظُ الْحَدِيثِ الْقُدْسِيِّ مِنَ الرَّسُولِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَمَا وَجْهُ نَسَبَتِهِ إِلَى اللَّهِ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ، أَوْ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى " .
وَالْجَوَابُ : أَنَّ هَذَا سَائِغٌ فِي الْعَرَبِيَّةِ ، حَيْثُ يُنْسَبُ الْكَلَامُ بِاعْتِبَارِ مَضْمُونِهِ لَا بِاعْتِبَارِ أَلْفَاظِهِ ، فَأَنْتَ تَقُولُ حِينَمَا تَنْثُرُ بَيْتًا مِنَ الشِّعْرِ : يَقُولُ الشَّاعِرُ كَذَا ، وَحِينَمَا تَحْكِي مَا سَمِعْتَهُ مِنْ شَخْصٍ : يَقُولُ فُلَانٌ كَذَا ، وَقَدْ حَكَى الْقُرْآنُ الْكَرِيمُ عَنْ
مُوسَى وَفِرْعَوْنَ وَغَيْرِهِمَا مَضْمُونَ كَلَامِهِمْ بِأَلْفَاظٍ غَيْرِ أَلْفَاظِهِمْ ، وَأُسْلُوبٍ غَيْرِ أُسْلُوبِهِمْ ، وَنَسَبَ ذَلِكَ إِلَيْهِمْ :
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=10وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=11قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلا يَتَّقُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=12قَالَ رَبِّ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=13وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلا يَنْطَلِقُ لِسَانِي فَأَرْسِلْ إِلَى هَارُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=14وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=15قَالَ كَلا فَاذْهَبَا بِآيَاتِنَا إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=16فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=17أَنْ أَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=18قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=19وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=20قَالَ فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=21فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْمًا وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=22وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرَائِيلَ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=23قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=24قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ .
"