ولو لم يحرم المرور بينه وبينها ولم يكره كما أفتى به استتر بسترة في مكان مغصوب الوالد رحمه الله تعالى ، وسواء في حرمة المرور مع السترة أوجد المار سبيلا غيره أم لا كما صرح به في الروضة . نعم قد يضطر المار إلى المرور بحيث يلزمه المبادرة لأسباب لا تخفى [ ص: 56 ] كإنذار نحو مشرف على الهلاك تعين المرور طريقا لإنقاذه ; لقوله صلى الله عليه وسلم { } ، وهو مقيد بالاستتار المعلوم من الأخبار السابقة . لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه من الإثم لكان أن يقف أربعين خريفا خيرا له من أن يمر بين يديه
وإنما يحرم المرور مع السترة المقررة . بخلاف ما إذا فقدت أو كانت وتباعد عنها أكثر من ثلاثة أذرع أو اختل شرط من شروطها ; لأن القصد من السترة أن يظهر لصلاته حريم يضطرب فيه في حركاته وانتقالاته فإذا لم يستتر فهو المهدر لحرمة نفسه ، وكذا لو قصر المصلي بأن وقف في قارعة الطريق أو بشارع أو درب ضيق أو نحو باب مسجد كالمحل الذي يغلب مرور الناس به في وقت الصلاة ، ولو في المسجد كالمطاف وكأن ترك فرجة في صف أمامه فاحتيج للمرور بين يديه لفرجة قبله فلا يحرم المرور في جميع ذلك ، ولو في حريم المصلي ، وهو قدر إمكان سجوده خلافا للخوارزمي ، بل ولا يكره عند التقصير .
ولا يجوز الدفع ، وإن تعددت الصفوف ، ووهم من [ ص: 57 ] ظن أن هذه المسألة كمسألة التخطي يوم الجمعة فقيدها بصفين ، ولو أزيلت سترته حرم على من علم بها المرور كما بحثه الأذرعي لعدم تقصيره ، وقياسه أن من استتر بسترة يراها مقلده ولا يراها مقلد المار تحريم المرور ، ولو قيل باعتقاد المصلي في جواز الدفع وفي عدم تحريم المرور باعتقاد المار لم يبعد ، وكذا إن لم يعلم مذهب المصلي ، ولو عجز عن ستره حتى عن الخط لم يكن له الدفع كما رجحه الأذرعي خلافا للزركشي ، ولو صلى بلا سترة فوضعها غيره بلا إذنه اعتد بها كما بحثه ابن الأستاذ ، ويكره كما في المجموع أن . ا هـ . ولو يصلي وبين يديه رجل أو امرأة يستقبله ويراه لم تبطل . وأما خبر مر بين يديه شيء كامرأة وحمار وكلب { مسلم } فالمراد به قطع الخشوع للشغل بها . والأوجه أن بعض الصفوف لا يكون سترة لبعضها كما هو ظاهر كلامهم . يقطع الصلاة المرأة والكلب والحمار