( ولو ) ( نقل ركنا قوليا ) غير مبطل فخرج السلام عليكم وتكبيرة الإحرام بأن كبر بقصده ( كفاتحة في ركوع أو ) جلوس ( تشهد ) آخر أو أول ، وقول بعض الشراح أو تشهد آخر ليس بقيد ، أو نقل تشهد أو بعض ذلك إلى غير محله ، أو نقل قراءة مندوبة كسورة إلى غير محلها ( لم تبطل بعمده في الأصح ) ; لأنه غير مخل بصورتها بخلاف الفعلي ( و ) على الأصح ( يسجد لسهوه ) ولعمده أيضا ( في الأصح ) لتركه التحفظ المأمور به في الصلاة فرضها ونفلها أمرا مؤكدا كتأكد التشهد الأول .
نعم لو قرأ السورة قبل الفاتحة لم يسجد كما قاله ابن الصباغ ; لأن القيام محلها في الجملة ، وقياسه أنه لو صلى على النبي صلى الله عليه وسلم قبل التشهد لم يسجد ; لأن القعود محلها في الجملة .
قال الإسنوي : وقياسه السجود للتسبيح في القيام ، وهو مقتضى ما في شرائط الأحكام لابن عبدان . ا هـ . والمعتمد كما أفاده الوالد رحمه الله تعالى عدم السجود ، والثاني لا كغيره مما لا يبطل عمده ( وعلى هذا ) أي الأصح ( تستثنى هذه الصورة من قولنا ) المتقدم ( ما لا يبطل عمده لا سجود لسهوه ) واستثني معها أيضا ما لو أتى بالقنوت أو بكلمة منه بنيته قبل الركوع أو بعده . في الوتر في غير نصف رمضان الثاني فإنه يسجد ولو تعمده لم تبطل صلاته لكنه مكروه ، ذكر الرافعي في صلاة الجماعة ، ويمكن حمله على ما إذا لم يطل به الاعتدال وإلا بطلت أخذا مما مر .
وما لو قرأ غير الفاتحة في غير القيام ، وما لو فرقهم في الخوف أربع فرق [ ص: 74 ] وصلى بكل ركعة أو فرقتين وصلى بواحدة ثلاثا فإنه يسجد لمخالفته بالانتظار في غير محله الوارد فيه ، وليس منها زيادة القاصر أو مصل نفلا مطلقا من غير نية سهو ; لأن عمد ذلك مبطل فهو من القاعدة ، ولو صلى على الآل في التشهد الأول أو بسمل أول تشهده لم يسن له سجود السهو كما اقتضاه كلام الأصحاب ، وهو ظاهر عملا بقاعدتهم ما لا يبطل عمده لا سجود لسهوه إلا ما استثني منها ، والاستثناء : معيار العموم بل قيل إن الصلاة على الآل في الأول سنة ، وكذا الإتيان ببسم الله قبل التشهد .
وأما ما اقتضاه كلام الشيخ في شرح منهجه وأفتى به من السجود له فإنما يتجه على القول بأنها ركن في التشهد الأخير ، كذا أفاده الوالد رحمه الله تعالى في فتاويه ودعوى صحته بعيدة ( ولو ) ( نسي ) الإمام أو المنفرد ( التشهد الأول ) وحده أو معها قعوده ( فذكره بعد انتصابه ) أي وصوله لحد يجزئه في قيامه ( لم يعد له ) أي يحرم عليه العود ; لما صح من الأخبار ; ولتلبسه بفرض فعلي فلا يقطعه لسنة ( فإن عاد ) عامدا ( عالما بتحريمه بطلت ) صلاته ; لأنه زاد قعودا من غير عذر ، وهو مخل بهيئة الصلاة ، بخلاف قطع القولي لنفل كالفاتحة [ ص: 75 ] للتعوذ أو الافتتاح فلا يحرم ( أو ) عاد له ( ناسيا ) كونه في صلاة أو حرمة عوده ( فلا ) تبطل لعذره ; ورفع القلم عنه .
نعم يجب عليه عند تذكره النهوض فورا ولا ينافي ما تقرر هنا من عدم بطلانها بعوده ناسيا حرمته ما مر من أنه لو تكلم بكلام يسير ناسيا حرمة الكلام ضر ; لأن العود من جنس الصلاة فكان بابه أوسع ، بخلاف الكلام فإنه ليس من جنسها ولا منها ( ويسجد للسهو ) لإبطال تعمد ذلك ( أو ) عاد له ( جاهلا ) تحريمه ، وإن كان مخالطا لنا ; لأن هذا مما لا يخفى على العوام ( فكذا ) لا تبطل صلاته ( في الأصح ) لما ذكر ، ويقوم فورا عند تعلمه ويسجد للسهو . والثاني تبطل لتقصيره بترك التعلم ، أما المأموم فيمتنع عليه التخلف عن إمامه للتشهد ، فإن تخلف بطلت صلاته لفحش المخالفة .
لا يقال : صرحوا بأنه لو ترك إمامه القنوت فله أن يتخلف ليقنت إذا لحقه في السجدة الأولى .
لأنا نقول : لم يحدث في تخلفه في تلك وقوفا وهنا أحدث فيه جلوس تشهده ، فقول بعض المتأخرين : لو جلس إمامه للاستراحة فالأوجه أن له التخلف ; ليتشهد إذا لحقه في قيامه ; لأنه حينئذ لم يحدث جلوسا ، فمحل بطلانها إذا لم يجلس إمامه ممنوع كما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى إذ جلوسه للاستراحة هنا ليس بمطلوب ، ولو انتصب معه فعاد له لم يعد إذ هو إما متعمد فصلاته غير صحيحة أو ساه أو جاهل فلا يوافقه في ذلك بل ينتظره قائما حملا له على أنه عاد ساهيا أو ينوي مفارقته ، وهو الأولى ، ولو قعد فانتصب إمامه ثم عاد لزم المأموم القيام فورا ; لأنه توجه عليه بانتصاب إمامه وفراقه هنا أولى أيضا ( وللمأموم ) إذا انتصب وحده ناسيا ( العود لمتابعة إمامه في الأصح ) [ ص: 76 ] لعذره إذ المتابعة فرض فرجوعه إلى فرض لا إلى سنة .
والثاني ليس له العود بل ينتظر إمامه قائما لتلبسه بفرض وليس فيما فعله إلا التقدم على الإمام بركن ( قلت : الأصح وجوبه ) أي العود ( والله أعلم ) ; لأن متابعة الإمام واجبة وهي آكد مما ذكروه من تلبسه بفرض ، فإن لم يعد ، ولم ينو المفارقة بطلت صلاته ، وما ذكرناه من التفصيل بين العمد والسهو يجري فيما لو سبق إمامه إلى السجود وترك القنوت كما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى فقد قال في الروضة كأصلها وترك القنوت يقاس بما ذكرناه في التشهد ، وفي التحقيق والأنوار والجواهر نحوه . ويؤخذ منه أن المأموم إن ترك القنوت ناسيا وجب عليه العود لمتابعة إمامه أو عامدا ندب .
ولا يرد عليه ما لو ظن المسبوق سلام إمامه فقام حيث لزم العود ، وامتنع عليه نية المفارقة ; لأن المأموم هنا فعل فعلا للإمام أن يفعله ، ولا كذلك في الصورة المذكورة ; لأنه بعد فراغ الصلاة فجاز له المفارقة هنا لذلك ، أما إذا تعمد الترك فلا يجب عليه العود بل يسن له كما لو ركع مثلا قبل إمامه ; لأن له قصدا صحيحا بانتقاله من واجب لمثله فاعتد بفعله ، وخير بينهما ، بخلاف الساهي فكأنه لم يفعل شيئا ولزمه العود ليعظم أمره .
والعامد كالمفوت على نفسه تلك السنة بتعمده فلا يلزمه العود إليها ، وإنما تخير من ركع مثلا قبل إمامه سهوا لعدم فحش المخالفة فيه بخلافه هنا ، ولو لم يعلم الساهي [ ص: 77 ] حتى قام إمامه لم يعد ولم يحسب ما قرأه قبل قيامه كما لو ظن مسبوق سلامه فقام لما عليه فإنه يلغو ما فعله قبل سلامه ولو ظن مصل قاعدا أنه تشهد التشهد الأول فافتتح القراءة للثالثة امتنع عوده إلى قراءة التشهد ، وإن سبقه لسانه بالقراءة ، وهو ذاكر أنه لم يتشهد جاز له العود إلى قراءة التشهد ; لأن تعمد القراءة كتعمد القيام ، وسبق اللسان إليها غير معتد به .


