( وهي ) أي ( في الجديد أربع عشرة ) سجدة ( منها سجدتا ) سورة ( الحج ) لما روي عن سجدات التلاوة بسند حسن ، وإسلامه إنما كان عمرو بن العاص بالمدينة قبل فتح مكة { } وعن أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم خمس عشرة سجدة في القرآن منها ثلاث في المفصل وفي الحج سجدتان وإسلامه سنة سبع { أبي هريرة } رواه أنه سجد معه صلى الله عليه وسلم في الانشقاق واقرأ باسم ربك ، وما روي عن مسلم أنه صلى الله عليه وسلم لم يسجد في شيء من المفصل منذ تحول ابن عباس المدينة أجيب عنه بأنه ناف وضعيف ، على أن الترك إنما ينافي الوجوب لا الندب وأخذ بظاهره القديم ، ومحال السجدات معروفة . نعم الأصح أن آخر آيتها في النحل يؤمرون وفي النمل العظيم وفي فصلت يسأمون وفي الانشقاق يسجدون .
ونص المصنف كأصله على سجدتي الحج لخلاف [ ص: 93 ] في الثانية ( لا ) سجدة ( ص ) وهي عند قوله { أبي حنيفة وخر راكعا وأناب } فليست من سجدات التلاوة لما روي عن " ص ليست من عزائم السجود " أي من متأكداته وقد تكتب ثلاثة أحرف إلا في المصحف ( بل هي ) أي سجدة ص ( سجدة شكر ) لله تعالى ينوي بها سجود الشكر على توبة ابن عباس داود عليه الصلاة والسلام من خلاف الأولى الذي ارتكبه مما لا يليق بكمال شأنه لوجوب عصمته كسائر الأنبياء صلى الله وسلم عليهم عن وصمة الذنب مطلقا ، وإن وقع في كثير من التفاسير ما يوهم خلاف ذلك لعدم صحته ، بل لو صح كان تأويله واجبا لثبوت عصمتهم ووجوب اعتقاد نزاهتهم عن ذلك السفساف الذي لا يقع من أقل صالحي هذه الأمة ، فكيف بمن اصطفاهم الله لنبوته ، وأهلهم لرسالته وجعلهم الواسطة بينهم وبين خلقه ، وإنما خص داود بذلك مع وقوع نظيره لآدم وأيوب وغيرهما ; لأنه لم يحك عن غيره أنه لقي مما ارتكبه من الحزن والبكاء حتى نبت من دموعه العشب والقلق المزعج ما لقيه ، فجوزي بأمر هذه الأمة بمعرفة قدره وعلى قربه وأنه أنعم عليه نعمة تستوجب دوام الشكر من العالم إلى قيام الساعة .
والأصل في ذلك خبر { أبي سعيد الخدري } رواه خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فقرأ ص ، فلما مر بالسجود نشزنا : أي تهيأنا للسجود ، فلما رآنا قال : إنما هي توبة نبي الله ولكن قد استعددتم للسجود فنزل وسجد أبو داود بإسناد صحيح على شرح . البخاري