( وإدراك تكبيرة الإحرام ) مع الإمام ( فضيلة ) مأمور بها لكونها صفوة الصلاة ، والخبر { من صلى لله أربعين يوما في جماعة يدرك التكبيرة الأولى كتب له براءتان : براءة من النار ، وبراءة من النفاق } وهذا الحديث منقطع غير أنه من الفضائل التي يتسامح فيها ( وإنما تحصل بالاشتغال بالتحريم عقب تحرم إمامه ) مع حضوره تكبيرة إحرامه لخبر { إنما جعل الإمام ليؤتم به ، فإذا كبر فكبروا } والفاء للتعقيب ، فإن لم يحضره أو تراخى عنه فاتته .
لكن تغتفر الوسوسة الخفيفة ، ولا يشكل ذلك بعدم اغتفارهم الوسوسة في التخلف عن الإمام بتمام ركعتين فعليتين ; لأنها حينئذ لا تكون إلا ظاهرة فلا تنافي حينئذ ( وقيل ) تحصل ( بإدراك بعض القيام ) ; لأنه محل التحرم ( وقيل ب ) إدراك ( أول ركوع ) أي بالركوع الأول ; لأن حكمه حكم قيامها .
ومحل ما ذكر من الوجهين فيمن لم يحضر إحرام الإمام ، وإلا بأن حضره وأخر فاتته عليهما أيضا ، وإن أدرك ركعة كما حكاه في زيادة الروضة عن البسيط وأقره ، ولو خاف فوت [ ص: 145 ] التكبيرة لو لم يسرع لم يسن له الإسراع بل يمشي بسكينة كما لو أمن فوتها لخبر { إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها تسعون وأتوها تمشون وعليكم السكينة والوقار ، فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا } فإن ضاق الوقت وخشي فواته إلا به أسرع كما لو خشي فوت الجمعة ، قال الأذرعي : ولو امتد الوقت وكانت لا تقوم إلا به ولو لم يسرع لتعطلت أسرع أيضا ، أما لو خاف فوت الجماعة فالمنقول كما في شرح المهذب وغيره عدم الإسراع ، وإن اقتضى كلامالرافعي وغيره خلافه ( والصحيح ) إدراك ) فضيلة ( الجماعة ) في غير الجمعة ( ما لم يسلم ) الإمام ، وإن لم يجلس معه .
والوجه الثاني لا تدرك إلا بركعة ; لأن الصلاة كلها ركعة مكررة ، فلو أتى بالنية والتحرم عقب شروع الإمام في التسليمة الأولى وقبل تمامها فهل يكون محصلا للجماعة نظرا إلى إدراك جزء من صلاة الإمام أو لا نظرا إلى أنه إنما عقد النية والإمام في التحلل ؟ فيه احتمالان جزم الإسنوي بالأول ، وقال : إنه مصرح به ، وأبو زرعة في تحريره بالثاني .
قال الكمال بن أبي شريف وهو الأقرب الموافق لظاهر عبارة المنهاج ، ويفهمه قول ابن النقيب في التهذيب أخذا من التنبيه : وتدرك بما قبل السلام انتهى . وهذا هو المعتمد كما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى ، أما الجمعة فلا تدرك إلا بركعة كما يأتي في بابها ونبه عليه الزركشي وغيره هنا ، وشمل كلامه من أدرك جزءا من أولها ثم فارق بعذر أو خرج الإمام بنحو حدث ، ومعنى إدراكها حصول أصل ثوابها ، وأما كماله فإنما يحصل بإدراكها مع الإمام من أولها إلى آخرها ، ولهذا قالوا : لو أمكنه إدراك بعض جماعة ورجا إقامة جماعة أخرى فانتظارها أفضل ليحصل له كمال فضيلتها تامة ، والأوجه أن محله عند أمن فوت فضيلة أول الوقت أو وقت الاختيار ، ولو في حالة التيقن ، وإلا فعلها معهم ، ولا ينافيه ما مر في منفرد رجا الجماعة لظهور الفرق بينهما ، وأفتى بعضهم بأنه لو قصدها فلم يدركها كتب له أجرها لحديث فيه ، وهو ظاهر دليلا لا نقلا .


